ومهانة الباطل. أما في غير أمثال هذه المقاصد الشريفة والغايات المقدسة، فالتغرير بها وإلقاؤها في مظان الهلكة ومواطن الخطر سفه وحماقة لا يرتضيه عقل ولا شرع.
وقد أجازت شريعة الإسلام المقدسة للمسلم في مواطن الخوف على نفسه أو عرضه إخفاء الحق والعمل به سرا ريثما تنتصر دولة الحق وتغلب على الباطل، كما أشار إليه جل شأنه: ﴿إلا أن تتقوا منهم تقاة﴾ (١)، وقوله: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾ (2).
وقصة عمار وأبويه وتعذيب المشركين لهم ولجماعة من الصحابة، وحملهم لهم على الشرك، وإظهارهم الكفر مشهورة.
والعمل بالتقية له أحكامه الثلاثة:
فتارة: يجب، كما إذا كان تركها يستوجب تلف النفس من غير فائدة.
وأخرى: يكون رخصة، كما لو كان في تركها والتظاهر بالحق نوع تقوية له، فله أن يضحي بنفسه، وله أن يحافظ عليها.
وثالثة: يحرم العمل بها، كما لو كان ذلك موجبا لرواج الباطل، وإضلال الخلق ، وإحياء الظلم والجور.
ومن هنا تنصاع لك شمس الحقيقة ضاحية، وتعرف أن اللوم والتعيير بالتقية - إن كانت تستحق اللوم والتعيير - ليس على الشيعة، بل على من سلبهم موهبة الحرية، وألجأهم إلى العمل بالتقية.
تغلب معاوية على الأمة وابتزها الإمرة عليها بغير رضا، وصار