تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية - أبو طالب التجليل التبريزي - ج ١ - الصفحة ٨
مرضيين (1).
ومن الغني عن البيان أنه لو كان مراد صاحب الرسالة من شيعة علي عليه السلام من يحبه أو لا يبغضه - بحيث ينطبق على أكثر المسلمين كما تخيله بعض القاصرين لم يستقم التعبير بلفظ (شيعة)، فإن صرف محبة شخص لآخر أو عدم بغضه لا يكفي في كونه شيعة له، بل لا بد هناك من خصوصية زائدة وهي الاقتداء والمتابعة له، بل ومع الالتزام بالمتابعة أيضا. وهذا يعرفه كل من له أدنى ذوق في مجاري استعمال الألفاظ العربية، وإذا استعمل في غيره فهو مجاز مدلول عليه بقرينة حال أو مقال.
والقصارى إني لا أحسب أن المنصف يستطيع أن ينكر ظهور تلك الأحاديث وأمثالها في إرادة جماعة خاصة من المسلمين، ولهم نسبة خاصة بعلي عليه السلام يمتازون بها عن سائر المسلمين الذين لم يكن فيهم ذلك اليوم من لا يحب عليا، فضلا عن وجود من يبغضه.
ولا أقول: إن الآخرين من الصحابة - وهم الأكثر الذين لم يتسموا بتلك السمة قد خالفوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يأخذوا بإرشاده. كلا ومعاذ الله!
أن يظن بهم ذلك وهم خيرة من على وجه الأرض يومئذ، ولكن لعل تلك الكلمات لم يسمعها كلهم، ومن سمع بعضها لم يلتفت إلى المقصود منها، وصحابة النبي الكرام أسمى من أن تحلق إلى أوج مقامهم بغاث (2) الأوهام.
ثم إن صاحب الشريعة لم يزل يتعاهد تلك البذور ويسقيها بالماء النمير العذب من كلماته وإشاراته في أحاديث مشهورة عند أئمة الحديث من علماء

(١) الدر المنثور للسيوطي ٨: ٥٨٩.
(٢) البغاث: شرار الطير، وما لا يصيد منها، وهو بطئ الطيران. الصحاح ١:
٢٧٤
[بغث].
(٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»