الدعوة في كل مكان وزمان لصالح الإسلام والمسلمين عامة، لا لصالح قوم ضد الآخرين، فمن دعا في الإسلام بدعوى الجاهلية يعزر.
فالنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " يصف كل دعوة تشق عصا المسلمين وتمزق وحدتهم بأنها دعوى منتنة، وكيف لا تكون كذلك وهي توجب انهدام دعامة الكيان الإسلامي.
ج. نزل النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " دار هجرته والتفت حوله القبيلتان: الأوس والخزرج، فمر شاس بن قيس - الذي كان يحمل في قلبه ضغنا للمسلمين - على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الأوس والخزرج في مجلس يتحدثون فيه، فغاظه عندما رأى من ألفتهم وجماعتهم، وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية.
فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، لا والله عندما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتى شابا من اليهود كان معهم، فقال: اعمد إليهم، فاجلس معهم، ثم أذكر يوم بعاث، يوم اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه يومئذ للأوس على الخزرج، وكان على الأوس يومئذ حضير بن سماك الأشهلي، وعلى الخزرج عمرو بن النعمان البياضي، فقتلا جميعا.
دخل الشاب اليهودي مجتمع القوم فأخذ يذكر مقاتلتهم ومضاربتهم في عصر الجاهلية فأحيى فيهم حميتها حتى استعدوا للنزاع والجدال، وأخذ الشاب يؤجج نار الفتنة.