نفسه يعتبر الملائكة كتبة الأعمال ويقول: * (بلى ورسلنا لديهم يكتبون) *. (1) وبذلك تقف على معنى التوحيد في التدبير والتأثير، وليس معناه خلو كل موجود من التأثير وأن آثار الأسباب تفاض من الله سبحانه بلا واسطة، بل معناه أن الآثار والمسببات، للأسباب نفسها، فالشمس مضيئة، والقمر منير والنار محرقة حقيقة، ولكن بجعل منه سبحانه، فالجميع من مظاهر أمره وإرادته.
ومن زعم أن معنى التوحيد في الربوبية هو نفي الآثار عن الأسباب فقد نازع وجدانه، كما نازع الوحي المبين حيث إنه يثبت الأثر الطبيعي لكل سبب وفي الوقت نفسه يربطهما بالله سبحانه، قال: * (الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون) *. (2) تجد أن الوحي اعترف بسببية الماء لخروج الثمرات الطيبة وليست هذه الآية وحيدة في هذا الباب، بل في القرآن الكريم نماذج من هذا النوع، قال سبحانه: * (وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) *. (3)