المعلل بوقوع الطلب أي الخوف على حياة الإمام المهدي عليه السلام في أحاديث أخرى صحيحة (1)، يفهم منه الكناية عن الغيبة فيكون المعنى: إنكم لا ترون إمامكم المهدي كلما أردتم، إذ ليس قدرتكم على رؤيته كقدرتكم على رؤيتي في حياتي كلما أردتم، لأنه سيكون في غيبة عنكم، وإياكم أن تذكروه باسمه لكي لا يعرفه أعداء الله فيدركوا أثره.
والحاصل: إن نفي الرؤية كناية عن الغيبة، والنهي عن التسمية لأجل الخوف عليه، مع اختصاص النفي والنهي بزمان الغيبة، وتوجهه للمخاطبين بالكلام كلهم أو بعضهم دون غيرهم، وإلا فقد رآه المئات من أصحاب أبيه الإمام الحسن العسكري عليه السلام في حياته وبإذن منه، كما رآه غيرهم بعد وفاة أبيه عليهما السلام كما سيتضح في هذا الفصل.
الثاني: إن ما ذكرناه من النصوص لا يمثل في الواقع إلا جزءا يسيرا من مجموع النصوص الواردة في هذا الشأن، ولم يخضع انتقاؤها لاعتبارات علمية، بمعنى: إنا لم نبحث عن الأسانيد الصحيحة لترسيخ العقيدة إذ المفروض رسوخها قبل ذلك، وإنما كوسيلة لإثبات المدعى، وإلا فنحن لسنا بحاجة إلى الأسانيد أصلا، لسببين:
أحدهما: توفر الدليل القاطع على استمرار وجود الإمام المهدي إلى آخر الزمان، وقد مر بيان ذلك مفصلا، ومع هذا فأي حاجة تبقى للأسانيد؟
الآخر: توفر الدليل على أن الأحاديث المروية في المهدي عليه السلام قد أخذت مباشرة من الكتب المؤلفة قبل ولادته عليه السلام بعشرات السنين، وقد شهد الصدوق بذلك، وعليه فالضعف الموجود في سند بعضها على الاصطلاح لا يقدح بصحتها لكون الأخبار فيها إعجازا تحقق بعد حين،