نعم إن العلم المدون هو الذي يحفظ لصاحبه ذكره، ويخلد له بعد موته أمره، فكم من علماء أحياء ظلوا كأنهم قوم ميتون، وكم من علماء أموات ظلوا كأنهم أحياء يرزقون.
على أني لا أعرف من أولئك كثيرين ممن حازوا الفضيلتين، وبرعوا في الصناعتين، ولكنهم مع هذا كله لم يشاؤوا أن يعملوا أحديهما بالأخرى، بل إنك لتجدنهم ممن يفضلون الإهمال على الأعمال، وهم يعتمدون فيما يعتقدون على أوهام لا ظل لها من الصواب، بل هي محض خيالات ليس إلا.
ولهذا السبب ولتلك الأسباب قل في العلماء المصنفون، كما قل المصنفون من العلماء، حتى أصبح المصنف العالم، أو العالم المصنف - وبالأخص المكثر - واحدا من خوارق العادة أو ما وراء الطبيعة، وما سيدنا المؤلف اليوم إلا واحد من تلك الخوارق التي أصبحت أعجوبة القرن الرابع عشر، ولاغرو فإنه رب العلم والصناعة، وسلطان القلم واليراعة.
وإليك ما صدر من نفثات قلمه إلى اليوم فإنك تجدها تناهز الخمسين مصنفا ما بين ضخم كبير، وآخر مختصر صغير ودونك هي نصا:
في الفقه سبيل الرشاد في شرح نجاة العباد، بطريق البسط.
سبيل النجاة في فقه المعاملات، بطريق المتن والتفريع لعمل المقلدين.
تبيين مدارك السداد للحواشي والمتن من نجاة العباد، خرج منه كتاب الطهارة، والصلاة، والمراد من الحواشي خصوص حواشي الشيخ المرتضى، وأستاذه السيد الشيرازي.
الدر النظيم في مسألة التتميم، أي تتميم ماء الكر بالماء النجس.
رسالة تبيين الإباحة في مشكوك ما لا يؤكل لحمه للمصلين.
رسالة إبانة الصدور في موقوفة ابن أذينة المأثورة في مسألة إرث ذات الولد من الرباع.