الأمكنة، وهذا لا يلتزم به أحد من الفقهاء.
ثم إن النهي عن شد الرحال إلى أي مسجد غير المساجد الثلاثة ليس نهيا تحريميا، وإنما هو إرشاد إلى عدم الجدوى في سفر كهذا، وذلك لأن المساجد الأخرى لا تختلف من حيث الفضيلة، فالمساجد الجامعة كلها متساوية في الفضيلة، فمن العبث ترك الصلاة في جامع هذا البلد والسفر إلى جامع بلد آخر مع أنهما متماثلان.
وفي هذا الصدد يقول الغزالي: القسم الثاني، وهو أن يسافر لأجل العبادة إما لحج أو جهاد... ويدخل في جملته زيارة قبور الأنبياء (عليهم السلام) وزيارة قبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء، وكل من يتبرك بمشاهدته في حياته يتبرك بزيارته بعد وفاته، ويجوز شد الرحال لهذا الغرض، ولا يمنع من هذا قوله (صلى الله عليه وآله): لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، ومسجد الحرام ومسجد الأقصى، لأن ذلك في المساجد، فإنها متماثلة (في الفضيلة) بعد هذه المساجد، وإلا فلا فرق بين زيارة قبور الأنبياء والأولياء والعلماء في أصل الفضل، وإن كان يتفاوت في الدرجات تفاوتا عظيما بحسب اختلاف درجاتهم عند الله (1).
يقول الدكتور عبد الملك السعدي: إن النهي عن شد الرحال إلى المساجد الأخرى لأجل أن فيه إتعاب النفس دون جدوى أو زيادة ثواب، لأنه في الثواب سواء، بخلاف الثلاثة لأن العبادة في المسجد