فالمسيح - عليه السلام - اتخذ نزول المائدة السماوية والبركة الإلهية عيدا، لأنه سبحانه أكرمه وأكرم تلاميذه بهذه المائدة، فإذا كانت المائدة السماوية سببا لاتخاذ يوم نزولها " عيدا " فلماذا لا يجوز أن نتخذ يوم " البعثة النبوية " الذي هو يوم البركة، ويوم نزول المائدة المعنوية عيدا؟
هل يستطيع أن يدعي أحد أن وجود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما جاء به من شريعة عظيمة خالدة أقل بركة من المائدة المادية التي نزلت على المسيح - عليه السلام - وتلاميذه؟!
وفي الختام نقول: إن من راجع الكتاب والسنة يقف على أن حب النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الدين، وللحب مظاهر، فكما أن من مظاهره الاتباع، فهكذا تكريمه مطلقا من غير فرق بين ميلاده وغيره من مظاهره، لكن الظروف دفعتنا إلى اختيار يوم ميلاده لإظهار حبنا وودنا له من غير أن ننسب خصوصية ذلك اليوم إلى الدين، وإنما المنسوب إليه هو الدعوة إلى نفس الحب والود، فما كان له أصل في الدين لا يعد تجسيده في يوم خاص، بدعة.
فإذا أمر الإسلام بالتدريب العسكري، فنحن نخص العمل بذلك الأصل بيوم أو يومين في الأسبوع، فلا يعد التخصيص - بعد وجود الأصل في الشريعة - بدعة.
أو إذا أمر الشارع بتعليم الأولاد معالم الدين وكتابه المنزل وإذا خصصنا - خضوعا لظروف وحوافز خاصة - يوما خاصا في كل أسبوع، فلا يعد الاجتماع في ذلك اليوم للتعلم بدعة.
وما أكثر الأمثال والنظائر للمسألة.
على أنه يظهر من الروايات أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يهتم بيوم ميلاده وقد جئنا بتفصيله في كتابنا " البدعة " فلاحظ.