التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٩٥
إليها بأوضح تصريح فلو أراد أحد أن يقوم بهذه الفريضة الدينية بعد أربعة عشر قرنا فكيف يمكنه، وما هو الطريق إلى ذلك؟ هل هو إلا أن يفرح في أفراحهم، ويحزن في أحزانهم؟
فإذا أقام أحد - لإظهار مسرته - مجلسا يذكر فيه حياتهم، وتضحياتهم أو يبين مصائبهم فهل فعل إلا إظهار المودة، المندوبة إليها في القرآن الكريم..؟!
وإذا زار أحد - لإظهار مودة أكثر - مقابر أقرباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأقام مثل هذه المجالس عند تلكم القبور فإنه لم يفعل - في نظر العقلاء - إلا إظهار المودة.
ب - إقامة الذكرى ترفيع لذكر النبي.
إن القرآن الكريم يصرح بأن الله سبحانه من على رسوله بشرح صدره ووضع الوزر عنه وإعلاء اسمه الذي عبر عن كل ذلك بقوله:
(ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي أنقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك..) (الانشراح: 1 - 4).
فالله سبحانه رفع اسمه وأعلاه وجعله مشهورا معروفا في العالم إجلالا له.
فهذه الاحتفالات التي يقصد منها تخليد ذكرى النبي لا تتعدى رفع ذكر رسول الله وإعلاء اسمه، وإلفات نظر العالم إلى مقامه ومكانته السامية، فإذا كان القرآن أسوة، فلماذا لا نقتدي بالقرآن ولماذا لا نرفع ذكره، واسمه؟
ج - نزول المائدة السماوية واتخاذه عيدا.
إن المسيح - عليه السلام - سأل ربه سبحانه بأن ينزل عليه مائدة إذ قال سبحانه حاكيا:
(قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين) (المائدة - 114).
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»