التوحيد والشرك في القرآن - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٤٠
- 4 - هل القدرة والعجز حدان للتوحيد والشرك؟
ربما يستفاد من كلمات الوهابيين أن هناك معيارا آخر للشرك في العبادة وهو " قدرة المستغاث على تحقيق الحاجة وعجزه عنه " فإذا طلب أحد من آخر حاجة لا يقدر عليها إلا الله عد عمله عبادة وشركا، فها هو ابن تيمية يكتب في هذا الصدد قائلا:
" من يأتي إلى قبر نبي أو صالح، ويسأله حاجته، ويستنجد به مثل أن يسأله أن يزيل مرضه ويقضي دينه أو نحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، فهذا شرك صريح يجب أن يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل ".
(1) لقد جعل الكاتب في هذه العبارة للشرك معيارا آخر وهو قدرة المسؤول وعجزه عن تلبية السائل، ولو كان هذا هو الميزان يجدر بابن تيمية أن يضيف بعد قوله: " قبر نبي أو صالح " جملة أخرى هي: " أو ولي حي " ليتضح أن المعيار الذي اعتمده - هنا - ليس هو موت المستغاث وحياته، بل قدرته على تلبية الحاجة وعدم قدرته على ذلك، كما فعل الصنعاني وهو أحد المتأثرين من الوهابية إذ قال: " من الأموات أو من الأحياء ".

(1) زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور: 156، وفي رسائل الهدية السنية: 40، نجد ما يقرب من هذا المطلب أيضا.
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»