البراهين الجلية - السيد محمد حسن القزويني الحائري - الصفحة ١٢
دل على نفي التعذيب مطلقا عمن لم يبعث إليه الرسول ولم تقم عليه الحجة ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، ولئلا يكون للناس على الله حجة وإلا كانت لهم الحجة، كما قال عز من قائل: ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزي وقوله تعالى:
كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها: ألم يأتكم نذير؟ قالوا: بلى قد جاءنا نذير فكذبنا.. إلخ الآية دلت على أن جميع من يلقى في النار إنما هو بعد تمامية الإنذار، وقوله سبحانه: يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا؟ قالوا: شهدنا على أنفسنا إلى قوله تعالى: إن لم يكن ربك مهلك القرى وأهلها غافلون صرح فيه تبارك وتعالى باعتراف المخاطبين من الجن والإنس بأنهم جاءتهم الرسل وقصوا عليهم الآيات، وبينوا لهم التكاليف، لكنهم حيث كفروا بآيات ربهم وعصوا رسلهم أهلكوا الله بهذا السيب، وإلا فلا يعذب من لم يكن عالما بالآيات، أو لم يأتهم النذير لقوله عز شأنه: وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون أي من الأمر بالطاعة، والنهي عن المعصية، فلو عذبهم لكان ظلما. نزه سبحانه نفسه عن الظلم بقوله تعالى: وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون وبين أن المعذبين في النار هم الظالمون لأنفسهم بالمعصية، وترك الطاعة، فمن لم يكن ظالما لا تجوز عقوبته. ولو عوقب لكان ظلما عليه.
وبالجملة دلت الآيات على أن كل من صنع مثل صنع الأمم الخالية، فأنكروا على الله آياته ورسله، وفعلوا المنكرات والقبائح بعدما تمت عليهم الحجة، وظهرت لهم التكاليف الإلهية والزواجر الشرعية عوقب عن إنكاره
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»