ويعتقد البعض أن البخاري في معارضة أبي حنيفة قد تأثر بإسحاق ابن راهويه ونعيم بن حماد المروزي والحميدي وأبي بكر بن أبي شيبة هذا.
ولذا فإن من يريد قراءة أفكار البخاري ينبغي عليه أن يأخذ ما ذكرنا بنظر الاعتبار، يعني يتعين عليه أولا أن يتعرف شيوخه وطبيعة عقائدهم، وما هي أفكارهم، ومواقعهم لدى الخلفاء المعاصرين لهم، ومدى استقلالية اتجاههم الفكري وعدم تأثرهم بمتبنيات وسياسة الخلفاء الفكرية.
وهذه مسألة جوهرية جدا، لأنه من المستحيل البحث في فقه وحديث أهل السنة دون التحقيق في شكل العلاقة مع أجهزة الدولة والخلفاء، ولذا من الضروري بمكان دراسة سياسات الخلفاء الفكرية في العهدين الأموي والعباسي، خاصة الفترات التي شهدت عملية تدوين الحديث.
ومن الضروري أيضا التركيز على الخليفة العباسي المتوكل الذي مارس سياسة اتسمت بالإرهاب والعنف الجنوني، حتى وصلت سياسته العدائية لعلي وأبناءه مثلا إلى أن يقدم علي بن الجهم الشاعر - ومن ندماء المتوكل - على شتم أبيه لأنه سماه عليا (1)!!