الحقائق التي تلقي الضوء على المسار الفكري والحركة الفقهية في تاريخ الإسلام، وسوف نواجه من خلال ذلك صورا مؤلفة من ثلاثة أبعاد، ويجب أن ندقق في هذه الصور جيدا، لتبدو الصورة الحقيقية في كيفية تدوين تاريخ الإسلام؟ وكيف اتجهت المسيرة الفكرية والفقهية؟
وكيف وصل كل ذلك إلى أيدي المسلمين؟
فمثلا ورد في التاريخ أن أول من نهض ضد أبي حنيفة هو عبد الله بن الزبير الحميدي في مكة، وهذا الأخير وصفه البخاري: شيخ كبير كثير الرواية، ولعبد الله الحميدي هذا كتاب " مسند الحميدي " مطبوع وموجود في المكتبات.
ويعد الحميدي من أبرز ثقات المشايخ الذين اعتمدهم البخاري في الرواية.
وهناك امتياز للحميدي في الصحيح حيث يتعدى الرواية عنه، وخلو الكتاب من مقدمة، والرواية عن الحميدي هي بمثابة افتتاحية للكتاب وخطبة له، كما يشرع كتابه: بسم الله.. وبعدها: حدثنا الحميدي.
والحميدي هذا وكما نقل الخطيب البغدادي في تاريخه والذهبي في تاريخ الإسلام والسير: أنه شيخ الحرم كان يجلس في المسجد الحرام ويحدث فإذا وصل إلى ذكر أبي حنيفة قال: " أبو جيفة " فهو يعبر عن أبي حنيفة - بأبي جيفة!!
ومن هنا يمكن الاستنتاج بأن البخاري إنما يريد من وراء ذلك