وكانت تأخذ الحديد المحمى الملتهب، وتضعه فوق رأسه ونافوخه، وخباب يتلوى من الألم، ولكنه يكظم أنفاسه، حتى لا تخرج منه زفرة ترضى غرور جلاديه.
ومر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما، والحديد المحمى فوق رأسه يلهبه ويشويه، فطار قلبه رحمة وحنانا وأسى، ولكن ماذا يملك عليه الصلاة والسلام يومها لخباب؟
لا شئ... إلا أن يثبته ويدعو له... هناك رفع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كفيه المبسوطتين إلى السماء... وقال:
" اللهم انصر خبابا " ويشاء الله ألا تمضى سوى أيام قليلة حتى ينزل ب (أم أنمار) قصاص عاجل، كأنما جعله القدر نذيرا لها ولغيرها من الجلادين، ذلك أنها أصيب بسعار عصيب وغريب جعلها - كما يقول المؤرخون - تعوي مثل الكلاب. قيل لها يومئذ: لا علاج لها سوى أن يكوى رأسها بالنار، وهكذا شهد رأسها العنيد سطوة الحديد المحمى يصبحه ويمسيه...
كانت قريش تقاوم الإيمان بالعذاب... وكان