فغاب مطلب في قعر مظلمة * وقام نوفل كي يعدو على مالي فاستنفروا وامنعوا ضيم ابن أختكم * لا تخذلوه وما أنتم بخذال وما أن وصلت رسالة شيبة والأبيات إلى أمه وأخواله بني النجار حتى خفوا لنجدته، فتوجه من أبطالهم ثمانون رجلا إلى مكة، وعسكر بعضهم بفناء الكعبة، وذهب البعض الآخر ليحضر عمه (نوفل بن عبد مناف)، وما أن رآهم حتى رحب بهم، وقال: أنعموا صباحا. وبعد حديث طويل قالوا: يا نوفل، عليك أن تنصف ابن أخيك وابن أختنا من ظلامته.
قال نوفل: سأفعل ذلك بالحب والكرامة، وكتبوا في ذلك عهدا بمحضر مشيخة قريش وشهدوا على تعهد نوفل أن يرد على شيبة بن هاشم جميع حقوقه من تركة أبيه (هاشم بن عبد مناف).
عاد الوفد من أخوال شيبة إلى يثرب قريري العين، ليطمئنوا أمه بنصرة ولدها واسترداد حقوقه.
عظم شأن عبد المطلب بن هاشم في قريش بعد تلك الحادثة، واسترجع مكانة أبيه ومجده في قريش بجدارة، لا سيما في الرفادة والسقاية وما يتبعهما من أمور الزعامة في قريش والعرب، ومكنته شخصيته القوية وعقليته الفذة وبصيرته النافذة وسجاياه الحميدة من النخوة والكرم والشجاعة، مما جعله جديرا أن يسود قريش، ويصبح من ساداتها وأشرف رجالها، وأعظمهم شأنا، وأرفعهم منزلة ومكانة، وهو لا يزال في مقتبل العمر.
وهو الذي أحيى سنة أبيه هاشم في رفادة قومه والحجاج في يوم ساغب، حتى أن عبد الله بن الزبعرى مدح هاشم بهذه الأبيات، وسبب تسميته ب (هاشم)، لأنه كان يكسر الخبز ويهشمه لقومه وللحجيج، ويجعله ثريدا باللحم.