أويس القرني كان أويس القرني من الزاهدين في الدنيا بل وفي الحياة كلها، وكان من المنقطعين للعبادة والتهجد، بعيدا كل البعد عن بهرجة الحياة وزخرفها، وحتى كان يهرب من أقرانه وزهاد زمانه، يستوحش من الناس، ويأنس بالوحدة، ليتفرغ للعبادة والانقطاع إلى خالقه، تجده ذاهلا عن مجتمعه، مشغولا بنفسه كأنما أصيب عقله لوثة لكنه نير الفكر حاد الذكاء، كما تجده رث الثياب والمنظر، حتى جعل بعض الجهال من الناس يظنون به الظنون، ويسخرون منه ويستهزؤن به، على رغم كونه من أجلاء حواري الإمام علي (عليه السلام) وفي طليعة التابعين وكان يخفي نفسه، حتى أخبر عنه الخليفة عمر بن الخطاب، برواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكشف منزلته الرفيعة بالأحاديث الجلية، ولما عرف في الكوفة واشتهر بها، تركها إلى جهة
(١٠٠)