جعفر في محبس ستين ليله ما يدرون بالليل ولا بالنهار ولا يعرفون وقت الصلاة إلا بتسبيح علي بن الحسن " 1، وعن كيفية أخذهم يقول: " خرج رياح ببني حسن ومحمد بن عبد الله بن عمرو إلى الربذة فلما صاروا بقصر نفيس على ثلاثة أميال من المدينة دعا بالحدادين والقيود والأغلال فألقي كل رجل منهم في كبل وغل " 2. وجرد المنصور بالربذة محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان - أخو عبد الله المحض لأمه - فضربه ألف سوط وسأله عن ابني أخيه محمد وإبراهيم، فأنكر أن يعرف مكانهما... وأوهن القوم بالجهد فحملوا على المحامل المكشوفة فمر بهم المنصور في قبته على الحجازة فصاح به عبد الله بن الحسن:
يا أبا جعفر ما هكذا فعلنا بكم يوم بدر.. فصيرهم إلى الكوفة وحبسوا في سرداب تحت الأرض لا يفرقون بين ضياء النهار وسواد الليل وخلى منهم سليمان وعبد الله ابني داود بن الحسن المثنى وموسى بن عبد الله بن الحسن، والحسن بن جعفر وحبس الآخرين حتى ماتوا. وذلك على شاطئ الفرات بالقرب من قنطرة الكوفة... وكانوا يتوضؤون في مواضعهم فاشتدت عليهم الرائحة فاحتال بعض مواليهم حتى أدخل إليهم شيئا من الغالية فكانوا يدفعون بشمها تلك الروائح المنتنة. وكان الورم يبدو في أقدامهم فلا يزال يرتفع حتى يبلغ الفؤاد فيموت صاحبه 3.
وذكران المنصور قال يوما لجلسائه بعد قتل محمد وإبراهيم: تالله