ما رأيت رجلا أنصح من الحجاج لبني مروان. فقام المسيب بن زهير الضبي فقال: يا أمير المؤمنين ما سبقنا الحجاج بأمر تخلفنا عنه والله ما خلق الله على جديد الأرض خلقا أعز علينا من نبينا (ص) وقد أمرتنا بقتل أولاده فأطعناك وفعلنا ذلك فهل نصحنا أم لا؟ فقال له المنصور: اجلس لا جلست 1.
وأما أمر المدينة وأهلها في عصر المنصور فقد كان نصيبهم منه بعد قتل النفس الزكية أن أمر أبو جعفر بالبحر فأقفل على أهل المدينة فلم يحمل إليهم من ناحية الجار شئ حتى كان المهدي فأمر بالبحر ففتح لهم وأذن في الحمل 2. وقبض عيسى بن موسى أموال بني حسن كلها فأجاز ذلك أبو جعفر 3. وقد وقع من الترويع في المدينة على يد جند عيسى بن موسى بعد قتل محمد النفس الزكية ما لم تشهده المدينة قبلها فقد كانوا يقتحمون البيوت ويقطعون الرؤوس ويأخذونها إلى عيسى.
وكان عيسى جالسا وعنده ابن أبي الكرام ومحمد بن لوط بن المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وأتي برأس أبي الشدائد فاسترجعا وقالا: والله ما بقي من أهل المدينة أحد هذا رأس أبي الشدائد فالح بن معمر رجل من بني فزارة مكفوف 4.
فإذا كان المكفوف لم يسلم فما بالك بغيره، وكيف نتصور وضع