فالفرقة بهذا المعنى لم تكن موجودة في أوساط المسلمين.
وإن أراد من الفرقة الجماعة المتبنية ولاية علي روحيا وسياسيا وأنه أحق بالقيادة على جميع الموازين، فإنها كانت موجودة في يوم السقيفة وبعدها.
نعم إن توسع الرقعة الجغرافية للدولة الإسلامية وما رافق ذلك من احتكاك مباشر بكثير من الفرق والجماعات صاحبة الأفكار العقائدية المختلفة، وتأثر بعض الفرق الإسلامية ومفكريها بجملة من تلك الآراء والتصورات، ساعد بشكل كبير في إيجاد مدارس كلامية متعددة في كيان المجتمع الإسلامي، ولما كان الشيعة أشد تمسكا بحديث الثقلين المشهور، فقد رجعوا إلى أئمة أهل البيت فصاروا فرقة كلامية متشعبة الأفنان، ضاربة جذورها في الكتاب والسنة والعقل.
وهكذا فلا مرية من القول بخطأ كل الافتراضات السابقة وعدم حجيتها في محاولة تثبيت كون التشيع ظاهرة طارئة على الإسلام، وإنما هو نفس الإسلام في إطار ثبوت القيادة لعلي بعد رحلة النبي بتنصيصه، وتبناه منذ بعثة النبي الأكرم جملة من الصحابة والتابعين وامتد ذلك حسب الأجيال والقرون، بل وظهر بفضل التمسك بالثقلين علماء مجاهدون، وشعراء مجاهرون، وعباقرة في الحديث، والفقه، والتفسير، والفلسفة، والكلام، واللغة، والأدب، وشاركوا جميع المسلمين في بناء الحضارة الإسلامية بجوانبها المختلفة، يتفقون مع جميع الفرق في أكثر الأصول والفروع وإن اختلفوا معهم في بعضها كاختلاف بعض الفرق مع بعضها الآخر.
وسيوافيك تفصيل عقائدهم في مبحث خاص بإذن الله.
كما يظهر لك أيضا وهن ما ذهب إليه الدكتور عبد العزيز الدوري من أن التشيع باعتباره عقيدة روحية ظهر في عصر النبي وباعتباره حزبا سياسيا قد حدث بعد قتل علي (1).