أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٢٠٨
وقال المفيد: تقلد الإمامة بعد أبي جعفر ابنه أبو الحسن علي بن محمد، وقد اجتمعت فيه خصال الإمامة وثبت النص عليه بالإمامة، والإشارة إليه من أبيه بالخلافة (1).
وقد تضافرت النصوص على إمامته عن طرقنا، فمن أراد فليرجع إلى الكافي وإثبات الهداة وغيرهما من الكتب المعدة لذلك (2).
المتوكل ومواقفه الشنيعة مع الإمام (عليه السلام) لقد مارس المتوكل نفس الأسلوب الخبيث الذي رسمه المأمون ثم أخوه المعتصم من إشخاص أئمة أهل البيت من موطنهم وإجبارهم على الإقامة في مقر الخلافة، وجعل العيون والحراس عليهم حتى يطلعوا على دقيق حياتهم وجليلها.
وكان المتوكل من أخبث الخلفاء العباسيين، وأشدهم عداء لعلي، فبلغه مقام علي الهادي بالمدينة ومكانته هناك، وميل الناس إليه، فخاف منه (3)، فدعا يحيى ابن هرثمة وقال: اذهب إلى المدينة، وانظر في حاله وأشخصه إلينا.
قال يحيى: فذهبت إلى المدينة، فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ما سمع الناس بمثله، خوفا على علي الهادي، وقامت الدنيا على ساق، لأنه كان محسنا إليهم، ملازما للمسجد لم يكن عنده ميل إلى الدنيا.
قال يحيى: فجعلت أسكنهم وأحلف لهم أني لم أؤمر فيه بمكروه، وأنه لا بأس عليه، ثم فتشت منزله فلم أجد فيه إلا مصاحف وأدعية وكتب العلم، فعظم في

(١) الإرشاد: ٣٢٧.
(٢) الكليني، الكافي ١: ٣٢٣ - 325، الشيخ الحر العاملي، إثبات الهداة 3: 355 - 358.
(3) روي أن بريحة العباسي أحد أنصار المتوكل وأزلامه كتب إليه: إن كان لك بالحرمين حاجة فأخرج منها علي بن محمد، فإنه قد دعا الناس إلى نفسه وتبعه خلق كثير.
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»