والإشارة - فضلا عن الإحاطة - إلى كل ما يرجع إليه يحتاج إلى تأليف مفرد، وقد أغنانا في ذلك ما كتبه المؤلفون والباحثون عن جوانب حياته (عليه السلام)، حيث تحدثوا في مؤلفاتهم المختلفة عن النصوص الواردة من جده وأبيه في حقه، وعن علمه ومناظراته، وخطبه وكتبه وقصار كلمه، وفصاحته وبلاغته، ومكارم أخلاقه، وكرمه وجوده، وزهده وعبادته، ورأفته بالفقراء والمساكين، وعن أصحابه والرواة عنه، والجيل الذي تربى على يديه. وذلك في مؤلفات قيمة لا تعد ولا تحصى.
كفاحه وجهاده الرسالي:
غير إن للحسين (عليه السلام) وراء ذلك، خصيصة أخرى وهي كفاحه وجهاده الرسالي والسياسي الذي عرف به، والذي أصبح مدرسة سياسية دينية، لعلها أصبحت الطابع المميز له (عليه السلام) والصبغة التي اصطبغت حياته الشريفة بها، وأسوة وقدوة مدى أجيال وقرون، ولم يزل منهجه يؤثر في ضمير الأمة ووعيها، ويحرك العقول المتفتحة، والقلوب المستنيرة إلى التحرك والثورة، ومواجهة طواغيت الزمان بالعنف والشدة.
وها نحن نقدم إليك نموذجا من غرر كلماته في ذلك المجال حتى تقف على كفاحه وجهاده أمام التيارات الإلحادية والانهيار الخلقي.
إباؤه للضيم ومعاندة الجور لما توفي أخوه الحسن في السنة الخمسين من الهجرة أوصى إليه بالإمامة فاجتمعت الشيعة حوله، يرجعون إليه في حلهم وترحالهم، وكان لمعاوية عيون في المدينة يكتبون إليه ما يكون من الأحداث المهمة التي لا توافق هوى السلطة