أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ١٨
وقواعد أركانه إلا الامتداد الحقيقي للفكر العقائدي للدين الإسلامي والذي قام عليه كيانه.
وإذا كان البعض يذهب إلى الاعتقاد بأن التشيع يظهر بأوضح صوره من خلال الالتفاف والمشايعة للوصي الذي اختاره رسول الله (صلى الله عليه وآله) خليفة له بأمر الله تعالى ليكون قائدا وإماما للناس - كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) - ففي ذلك أوضح المصاديق على حقيقة هذا النشوء الذي اقترن بنشوء وتبلور الفكر الإسلامي الكبير، والذي لا بد له من الاستمرار والتواصل والتكامل حتى بعد رحيل صاحب الرسالة (صلى الله عليه وآله)، والذي ينبغي له أن يكون الاستمرار الحقيقي لتلك العقيدة السماوية وحامل أعباء تركتها.
فإذا اعتبرنا بأن التشيع يرتكز أساسا في استمرار القيادة بالوصي، فلا نجد له تأريخا سوى تأريخ الإسلام، والنصوص الواردة عن رسوله (صلى الله عليه وآله).
قد عرفت في الصفحات السابقة نصوصا متوفرة في وصاية الإمام أمير المؤمنين، وإذا كانت تلك النصوص من القوة والحجية التي لا يرقى إليها الشك، وتعد وبدون تردد ركائز عقائدية أراد أن يثبت أسسها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهي بلا شك تدل وبوضوح على أن هذه الاستجابة اللاحقة استمرار حقيقي لما سبقها في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإذا كان كذلك فإن جميع من استجابوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وانقادوا له انقيادا حقيقيا، يعدون بلا شك رواد التشيع الأوائل وحاملي بذوره، فالشيعة هم المسلمون من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان في الأجيال اللاحقة، من الذين بقوا على ما كانوا عليه في عصر الرسول في أمر القيادة، ولم يغيروه، ولم يتعدوا عنه إلى غيره، ولم يأخذوا بالمصالح المزعومة في مقابل النصوص، وصاروا بذلك المصداق الأبرز لقوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»