" إياك والاستئثار بما الناس فيه أسوة..
وهو يعلم علم يقين وكما تشير الأمثال في مختلف العصور، أن الثناء إغراء وأن بطانة الحاكم ومشيريه أقوى عليه تأثيرا، وأدنى إليه حظوة، وأعلم بما يكرهه وبما يرضيه فلا عجب إن استطاعوا - بالملق أو طيب الثناء - أن يقودوه كيف يشاءون..
لذلك حذر عماله مغبة هذا الانقياد، وأمرهم أن يدقق كل في اختيار المشيرين والأعوان:
يقول:
" استعملهم اختبارا ولا تولهم محاباة. ورضهم على ألا يطروك، فإن كثرة الإطراء تحدث الزهو، وتدنى من الغرة.. وليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق.. " (7) ويطول بي الحديث لو استطردت إلى ما تفصح عنه سيرة أمير المؤمنين من سياسة جهد بها لترويض الناس، وتطويع الأحداث.. يطول بي إلى مدى ما له حدود أو هو جد بعيد.
فلعل الأخ الأستاذ الدكتور نوري جعفر يغفر لي هذا التقصير.
إن بيدي الآن كتابه الجليل: " فلسفة الحكم عند الإمام " الذي أودعه خلاصة قيمة لهذه الفلسفة التي بزت غيرها من فلسفات، وسبقت بمبادئها القويمة كل ما ارتآه الأقدمون والمعاصرون..