الإقبال، " فنسوا خطا مما قد ذكروا به "، وانشغل الأكثرون منهم بالعروض من متاع ومال وجاه حتى لكأنهم آثروا العيش على مظاهر الدين دون اللباب، وعلى المقولات دون المعقولات.. واستفاض بهم هذا الانشغال الاستفاضة التي تنذر بجاهلية جديدة توشك أن تستأثر الجميع.. وظن ومن يظنون أن دور الإمام، في تلك الفترة القصيرة التي تولى فيها السلطان - كان مجرد العناية - بتذكير الأمة بأوامر الله ونواهيه، أو الاقتصار على الكشف لها عن أسرار القرآن وخفاياه، إنما هو محض خيال..
ذلك لأن الثابت قطعا أنه أخرج للناس سياسة عامة للإصلاح وإعادة بناء الإنسان، لا تأخذه بالقسور، بل تقوم - قبل أي شئ وكل شئ على جوهر الدين..
رسم فيها خطة شاملة لشؤون الداخل والخارج ولاءا بها بين الصالح العام ونفع الأفراد. تحسن السير بالأمور كما تحسن قيادة الناس. مطوعا إياها لمقابلة كافة الاحتمالات في تطورات الأحداث، وتغيرات الظروف، وانطلاقه الزمن بالحكمة، وسعة الأفق، ودقة التفكير، وأحكام التقدير مع مرونة المداولة بين مختلف أساليب المجابهة الكفيلة بكبح شرة الأزمات، وتفاقم الأخطار، وانحرافات الأنفس ثم يلقاها بأنسب الحلول..
(4) ونكاد نجمل هذه السياسة الشاملة في عبارة قصيرة للإمام يقول:
" الناس إما أخ في الدين أو نظير في الخلق " فشعاره إذا هو " مساواة "