فإنه أيضا على وجه من الوجوه ظاهرة اجتماعية عامة تقوم أساسا على ركيزتين هما: التلقين والتقليد.. ومن هنا فإن قادة الشعوب، ودعاة الإصلاح أو التغيير، يعمدون من خلال هاتين الركيزتين إلى تطور مجتمعاتهم وإعادة صياغتها من جديد. فإذا هم يبثون فيها - بالدعوة المستمرة الدائبة - ما اختاروا لها من آراء، يلقنونها الكبار والصغار. ثم يقرنون مرحلة البث بمرحلة التقليد أو تثبيت تلك الآراء في أذهان الناس عن طريق التطبيق العملي، بضرب الأسوة، حملا لهم على الاقتداء والأداء..
وذلك هو ما يحدث بالنسبة لجميع الأديان.. تتنزل رسالات السماء على من يجتبيهم الله من عباده المرسلين، فيخص كل رسول إلى تبليغ من بعث فيهم ويكون هو نفسه القدوة والمثال.
(3) ولم يعرف التاريخ، فيما إخال هاديا تصدى لإصلاح حال قومه، وأخذهم بمبادئ الإسلام كالإمام..
نعم: يكن مجرد داعية إلى الله وبينهم كتاب الله ما أيسر رجوعهم إليه لو شاءوا الاهتداء.. ولكنه ترجم الدين إلى أسلوب حياة وإعادة نقله - بعد خلو حياتهم العامة من محمد - إلى حيز التطبيق.. وعندما ترنو إلى سعيه في هذا المضمار نكاد نجد جهده امتدادا لجهد الرسول، وعهده امتدادا لعهده عليه الصلاة والسلام.
وليس معنى هذا أن الألى سبقوه إلى حكم الأمة فرطوا في الكتاب، ولكنه يعني أن الدنيا - حين آل إليه الأمر - كانت قد أقبلت على الناس كل