ولأمر ما أراد الله أن تدخل دولة المسلمين في محنة كبرى، ولما تستقر أصول الإسلام في نفوس الناس، ولا سرت روحه في دمائهم على الوجه الذي كنا نظنه في أول دراسة لنا لقضية صدر الإسلام، ومن المعلوم الذي يجب أن يكون بديهة في نفوس الباحثين أن نعلم أن الإسلام هو صحوة المستقبل للعالم كله. ولم يكن - كما كنا نتخيل أحيانا - دعوة الزمن الذي ظهر فيه وحده... لأن إطاره المكاني هو العالم كله، والإطار الذي يتحرك من خلاله - من حيث الأزمنة والعصور - هو كل الأزمنة وكل العصور، منذ ظهر الرسول - صلوات الله عليه - حتى يرث الله الأرض ومن عليها..
ولقد علمنا من الصراع بين علي عليه السلام وبين معاوية أن السلطة قد انتقلت إلى معاوية بن أبي سفيان بن حرب... وأمه هند آكلة الأكباد.
التي نهشت جسد عم الرسول حمزة عليه السلام، وفلقت رأسه.. وأكلت كبده... شفاء لحقدها على الرسالة وأهلها - حينذاك - واستبد معاوية بالناس، وأحال الخلافة ملكا عضوضا، واستحصل من الناس - جبرا وقسرا - على عهد لابنه " يزيد ".. ونحن نعلم من هو " يزيد " وما كان عجبا أن يكون هو " يزيد " لأنه وارث القسوة والفجور، ومستمد الفساد من شجرة الفساد... والعرق دساس... ونحن لا نجري الأبحاث - مع الأسف الشديد - عن شجرة الرجال، وأصول الرجال.
لقد عمل اليهود - من خلال كل الجهود - على تدمير علم الأنساب لتختلط العائلات ويمكن من خلال هذا الاختلاط أن يندس في وسط كل قطر من أقطار الإسلام طبقة من اليهود يدعون الإسلام ليفسدوا فيه، وكانوا يناصرون كل من يدعو للفتنة.