يبحثون، وفهموا أن الإسلام ليس هو الإيمان والطاعة فحسب، وإنما هو الإيمان عن وثوق، والطاعة عن اقتناع، وهو فوق ذلك علم وبحث ودراسة واستقصاء وهو بعد ذلك دعوة يجب نشرها وإذاعتها بين الناس.
أخذ الاستعمار يبسط سلطانه، وينثر ذهبه، ويضع الجلادين على رؤوس الشعوب ليخضعها وينحرف بها عن دينها، وأخذ يبث صنائعه في كل بلد وفي كل قطر، وانتشر الباحثون المسلمون فامتصوا آراء المستعمرين وعلومهم، وتمثلوها وأدخلوا عليها ما شاءوا من الاصلاح والتعديل، كما سلطوا عليها أضواء من الدين لصقلها وجعلها أداة للإفادة دون التدمير.
وتحركت جموع المسلمين يمنة ويسرة، بعضهم يواصل رسالة الحق، وبعضهم يستبد برأيه، وبعضهم يهلك كالفراش المبثوث... وأصبح لزاما علينا أن نسهم في كل هذا الطوفان نتلمس للإسلام وللمسلمين سفينة نجاة.
وقد رأينا أن الإسلام دعا إلى الفكر، وجعله عماده وأساس دعوته، وجعل مرتبة المسلم الذي يرث الإيمان مرتبة دنيا... ومرتبة المؤمن بعد البحث والشك مرتبة لا تعلى في مراتب اليقين...
كان الإسلام ولا يزال دين حق.. يبحث عن الحق ويسعى إليه، ويدعو الناس إلى الدفاع عنه.. دين جاد يواجه الحياة ويرسم الحلول لما بها من مشاكل...
دين جاد يدعو الناس إلى الاستسلام للحق وحده، وإن أتى من أقصى الأرض، ويدعوه للإذعان لسلطان الحق فلا سلطان إلا للحق أينما كان...