الإنسان الذي خلق من علق، وحتى نكتب بالقلم، ونتعلم به ما لم نكن نعلم، ذلك لأن الله تعالى هو الذي يعلمنا، وهو الذي يهذبنا، وهو الذي يثقف أفهامنا وأفكارنا لندرك ما لم ندركه إلى اليوم، وإلى ما بعد اليوم من أجيال وقرون.
والحق أن الإسلام اليوم في محنة، فهو في موضع التجربة اليوم أكثر من أي وقت مضى، واليوم حيث تقدم العلم، وتقدم الإنسان، وتعلم هذا الإنسان كثيرا مما لم يعلم، تعلم الزراعة والصناعة، وتعلم السيارة والطيارة، وتعلم الطب والهندسة والتجارة، وتعلم الفلك، وتعلم الجدل، والشعر والأدب، وتعلم الاحصاء بالقلم، كما تعلم حساب السنين والأيام، بل تعلم كيف يدخل في الطبيعة فيفجر الذرة وكان هذا من مكامن الخطر.
ويقف المسلمون: حائرين، أيظلون على إيمانهم بكتابهم أم يتراجعون ليؤمنوا بالعلم الذي أدهشهم وكشف لهم عن كل غريب؟!
أيتعارض هذا مع القرآن مع العلم أم يتفق معه؟!
أيوافقه في كل ما يذهب إليه، أم يدعو إلى تثقيفه وتهذيبه؟!
بل أيتفق هذا العلم بالأشياء والغرائب مع القرآن الذي ندين به أم يتعارض ويعارض ويواجه المسلمين بغير ما يريدون وغير ما يؤمنون؟!
ولم يثبت المسلمون أمام تيار العلم الجارف، واعتبروا - لمدة من الزمن - أن تقدم الشعوب الأخرى بالعلم دليل على جواز تخلف الإسلام عن الحضارة واضطرتهم قوة الدفع الاستعماري إلى التخلف بالفعل عن ركب الإنسانية الزاحف، ولكن بعض المسلمين لم يجرفهم التيار ولم يرهبوه، وعكفوا يقرأون