وقال الحافظ أبو سعيد العلائي في النقد الصحيح (١): ليس هذا الحديث من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول، بل هو مثال قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل. وقد حسنه الترمذي وصححه غيره.
وقال الحافظ الكنجي في الكفاية (٢) - عقب هذا الحديث -: قد فسرت الحكمة بالسنة، لقوله عز وجل ﴿وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة﴾ (3) يدل على ذلك صحة هذا التأويل، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله تعالى أنزل علي الكتاب ومثله معه، أراد بالكتاب القرآن، ومثله معه ما علمه الله تعالى من الحكمة، وبين له من الأمر والنهي والحلال والحرام.
فالحكمة هي السنة، فلهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم: أنا دار الحكمة وعلي بابها. انتهى.
وقال المناوي في فيض القدير (4) في شرح حديث الترمذي: أي علي بن أبي طالب عليه السلام هو الباب الذي يدخل منه إلى الحكمة، فناهيك بهذه المرتبة ما أسناها، وهذه المنقبة ما أعلاها. انتهى.
هذا، والذي يشهد لعدم كون هذه اللفظة من كلام أبي عيسى الترمذي وإنما هي من زيادات بعض محرفي الكلم عن مواضعه أن البغوي أورد هذا الحديث في كتابه مصابيح السنة، وقد قال في أوله: وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه، وأعرضت عن ذكر ما كان منكرا أو موضوعا (5).