يا معشر قريش جرت بيننا وبينكم أمور لم تذكر في صحيفتكم، فأتوا بها، لعل أن يكون بيننا وبينكم صلح، وإنما قال ذلك خشية أن ينظروا فيها قبل أن يأتوا بها فأتوا بها وهم لا يشكون أن أبا طالب يدفع إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فوضعوها بينهم وقبل أن تفتح قالوا لأبي طالب: قد آن لكم أن ترجعوا عما أحدثتم علينا وعلى أنفسكم، فقال: أتيتكم في أمر هو نصف بيننا وبينكم، إن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني أن الله قد بعث على صحيفتكم دابة فلم تترك فيها إلا اسم الله فقط، فإن كان كما يقول فأفيقوا عما أنتم عليه، فوالله لا نسلمه حتى نموت من عند آخرنا. ون كان باطلا دفعناه إليكم فقتلتم أو استحييتم! فقالوا:
رضينا. ففتحوها فوجدوها كما قال صلى الله عليه وآله وسلم. فقالوا: هذا سحر ابن أخيك وزادهم ذلك بغيا وعدوانا.
وإن أبا طالب قال لهم بعد أن وجدوا الأمر كما أخبر به صلى الله عليه وآله وسلم: علام نحصر ونحبس وقد بان الأمر وتبين أنكم أولى بالظلم والقطيعة؟ ودخل هو ومن معه بين أستار الكعبة وقال: اللهم انصرنا على من ظلمنا، وقطع أرحامنا، واستحل ما يحرم عليه منا.
وعند ذلك مشت طائفة من قريش في نقض تلك الصحيفة فقال أبو طالب:
ألا هل أتى بحرينا (1) صنع ربنا * على نأيهم والله بالناس أرود (2 فيخبرهم أن الصحيفة مزقت * وأن كل ما لم يرضه الله مفسد تراوحها إفك وسحر مجمع * ولم يلف سحر آخر الدهر يصعد تداعى لها من ليس فيا بقرقر * فطائرها في رأسها يتردد (3