إيمان أبي طالب - الشيخ الأميني - الصفحة ٥٠
البغي والعقوق ففيها هلكة القرون قبلكم، أجيبوا الداعي، وأعطوا السائل فإن فيهما شرف الحياة والممات، وعليكم بصدق الحديث، وأداء الأمانة، فإن فيهما محبة في الخاص، ومكرمة في العام.
وإني أوصيكم بمحمد خيرا فإنه الأمين في قريش، والصديق في العرب، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به، وقد جاءنا بأمر قبله الجنان، وأنكره اللسان مخافة الشنآن، وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته، وصدقوا كلمته، وعظموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت، وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا، ودورها خرابا، وضعفاؤها أربابا، وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، وأصفت له فؤادها، وأعطته قيادها، دونكم يا معشر قريش ابن أبيكم، كونوا له ولاة ولحزبه حماة، والله لا يسلك أحد سبيله إلا رشد، ولا يأخذ أحد بهديه إلا سعد، ولو كان لنفسي مدة، وفي أجلي تأخير، لكففت عنه الهزاهز، ولدافعت عنه الدواهي.
الروض الأنف (1 / 259)، المواهب (1 / 72)، تاريخ الخميس (1 / 339)، ثمرات الأوراق هامش المستطرف (2 / 9)، بلوغ الإرب (1 / 327)، السيرة الحلبية (1 / 375) السيرة لزيني دحلان هامش الحلبية (1 / 93)، أسنى المطالب (ص 5) (1).
قل الأميني: في هذه الوصية الطافحة بالإيمان والرشاد دلالة واضحة على أنه صلى الله عليه وآله وسلم إنما أرجأ تصديقه باللسان إلى هذه الآونة التي يئس فيها من الحياة حذرا شنآن قومه المستتبع لانثياله عنه، المؤدي إلى ضعف المنة (2) وتفكك القوى، فلا يتسنى له حينئذ الذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن الإيمان به مستقرا في الجنان من

(١) الروض الأنف: ٤ / ٣٠، المواهب اللدنية: ١ / ٢٦٥، تاريخ الخميس:
١ / ٣٠٠، ثمرات الأوراق: ص ٢٩٤، السيرة الحلبية: ١ / ٣٥٢، السيرة النبوية:
١
/ 45، أسنى المطالب: ص 11.
(2) المنة: القوة.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»