ويأتي إن شاء الله في الباب الثامن إن الصادق (عليه السلام) قال في بيان شباهة الحجة (عليه السلام) بعيسى:
إن اليهود والنصارى اتفقت على أنه قتل، فكذبهم الله جل ذكره بقوله عز وجل: * (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) * (1) كذلك غيبة القائم، فإن الأمة ستنكرها لطولها، فمن قائل بغير هدى بأنه لم يولد، وقائل يقول: إنه ولد ومات، وقائل يكفر بقوله: إن حادي عشرنا كان عقيما وقائل يمرق بقوله: إنه يتعدى إلى ثالث عشر فصاعدا، وقائل يعصي الله عز وجل بقوله: إن روح القائم ينطق في هيكل غيره، الخبر.
عيسى (عليه السلام) كان يحيي الموتى بإذن الله تعالى، قال الله عز وجل نقلا عنه (عليه السلام) * (وأحيي الموتى بإذن الله) * (2) وقال تعالى مخاطبا له: * (وإذ تخرج الموتى بإذني) * الآية.
- ويعجبني هنا نقل رواية لطيفة مشتملة على مواعظ شريفة، رواها جمع من سلفنا الصالحين (ره) في كتبهم منهم الشيخ البهائي (ره) في كتاب شرح الأربعين عن الصادق (عليه السلام).
قال: مر عيسى ابن مريم (عليه السلام) على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابها، فقال (عليه السلام): أما إنهم لم يموتوا إلا بسخطة، ولو ماتوا متفرقين لتدافنوا، فقال الحواريون يا روح الله وكلمته، ادع الله أن يحييهم لنا، فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها فدعى عيسى (عليه السلام) ربه، فنودي من الجو: أن نادهم. فقام عيسى بالليل على شرف من الأرض فقال: يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب لبيك يا روح الله وكلمته فقال: ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت، وحب الدنيا مع خوف قليل، وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب، فقال: كيف كان حبكم للدنيا؟
قال: كحب الصبي لأمه إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا، وإذا أدبرت عنا بكينا وحزنا، قال (عليه السلام):
كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي، قال (عليه السلام): كيف كانت عاقبة أمركم؟ فقال: بتنا في ليلة في عافية، وأصبحنا في الهاوية، فقال: وما الهاوية؟ قال سجين قال (عليه السلام) وما السجين؟ قال: جبال من جمر توقد علينا إلى يوم القيامة. قال (عليه السلام) فما قلتم؟ وما قيل لكم؟ قال: قلنا ردنا إلى الدنيا فنزهد فيها، قيل لنا: كذبتم قال: ويحك، كيف لم يكلمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح الله، إنهم ملجمون بلجم من نار، بأيدي ملائكة غلاظ شداد، وأنا كنت فيهم ولم أكن منهم، فلما نزل العذاب عمني معهم: فأنا معلق بشعرة على شفير