وهم ظلمة غشمة وكبراؤهم بخلة عدمة وفقهاؤهم يفتون بما يشتهون وقضاتهم بما لا يعلمون يحكمون وأكثرهم بالزور يشهدون، من كان عنده درهم كان عندهم مرفوعا، ومن علموا أنه مقل فهو عندهم موضوع، والفقير مهجور ومبغوض والغني محبوب ومخصوص، ويكون الصالح فيها مدلول الشوارب، يكبرون قدر كل نمام كاذب وينكس الله منهم الرؤوس ويعمي منهم القلوب التي في الصدور أكلهم سمان الطيور والطياهيج (1) ولبسهم الخز اليماني والحرير، يستحلون الربا والشبهات ويتعارضون للشهادات، يراؤون بالأعمال، قصراء الآجال لا يمضي عندهم إلا من كان نماما، يجعلون الحلال حراما، أفعالهم منكرات وقلوبهم مختلفات، يتدارسون فيما بينهم بالباطل ولا يتناهون عن منكر فعلوه، يخاف أخيارهم أشرارهم، يتوازرون في غير ذكر الله تعالى، يهتكون فيما بينهم بالمحارم ولا يتعاطفون، بل يتدابرون، إن رأوا صالحا ردوه وإن رأوا نماما [آثما] استقبلوه ومن أساءهم يعظموه وتكثر أولاد الزنا، والآباء فرحون بما يرون من أولادهم القبيح فلا ينهونهم ولا يردونهم عنه ويرى الرجل من زوجته القبيح فلا ينهاها ولا يردها عنه ويأخذ ما تأتي به من كد فرجها ومن مفسد خدرها حتى لو نكحت طولا وعرضا لم تهمه ولا يسمع ما قيل فيها من الكلام الردئ، فذاك هو الديوث الذي لا يقبل الله له قولا ولا عدلا ولا عذرا فأكله حرام ومنكحه حرام فالواجب قتله في شرع الإسلام وفضيحته بين الأنام ويصلى سعيرا في يوم القيام، وفي ذلك يعلنون بشتم الآباء والأمهات وتذل السادات وتعلو الأنباط ويكثر الاختباط (2) فما أقل الأخوة في الله تعالى وتقل الدراهم الحلال وترجع الناس إلى أشر حال فعندها تدور دول الشياطين وتتواثب على أضعف المساكين وثوب الفهد إلى فريسته ويشح الغني بما في يديه ويبيع الفقير آخرته بدنياه فيا ويل للفقير وما يحل به من الخسران والذل والهوان في ذلك الزمان المستضعف بأهله وسيطلبون ما لا يحل لهم، فإذا كان كذلك أقبلت عليهم فتن لا قبل لهم بها، ألا وإن أولها الهجري القطير في [الهجري والرقطي] وآخرها السفياني والشامي وأنتم سبع طبقات فالطبقة الأولى [وفيها مزيد التقوى إلى سبعين سنة من
(١٦٠)