في البحار: عن أبي جعفر محمد بن علي بن الأسود قال: كنت أحمل الأموال التي تحصل في باب الوقف إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري (رحمه الله) فيقبضها مني، فحملت إليه يوما شيئا من الأموال في آخر أيامه قبل موته بسنتين أو ثلاث سنين، فأمرني بتسليمه إلى أبي القاسم الروحي (رضي الله عنه)، فكنت أطالبه بالقبوض فشكى ذلك إلى أبي جعفر (رضي الله عنه)، فأمرني أن لا أطالبه بالقبوض وقال: كل ما وصل إلى أبي القاسم فقد وصل إلي، فكنت أحمل بعد ذلك الأموال إليه ولا أطالبه بالقبوض (1).
وفيه: عن جعفر بن أحمد بن منيل: لما حضرت أبا جعفر محمد بن عثمان العمري الوفاة كنت جالسا عند رأسه أسأله وأحدثه وأبو القاسم بن روح عند رجليه فالتفت إلي ثم قال:
أمرت أن أوصي إلى أبي القاسم الحسين بن روح. قال: فقمت من عند رأسه وأخذت بيد أبي القاسم وأجلسته في مكاني وتحولت إلى عند رجليه (2).
وحسين بن روح من أعقل الناس عند الموافق والمخالف وكان يستعمل التقية، وقبره (رحمه الله) في النوبختية في الدرب الذي كانت فيه دار علي بن أحمد النوبختي النافذ إلى التل وإلى الدرب الآخر وإلى قنطرة الشوك. وقد كانت العامة تعظمه (رحمه الله) حيا وميتا، وقد تناظر اثنان في دار ابن يسار وهو (رحمه الله) حضر تقية فزعم واحد أن أبا بكر أفضل الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم عمر ثم علي، وقال آخر: علي أفضل من أبي بكر وعمر فزاد الكلام بينهما، فقال أبو القاسم (رضي الله عنه): الذي اجتمعت عليه الصحابة هو تقديم الصديق ثم بعده الفاروق ثم بعده عثمان ذو النورين ثم علي الوصي، وأصحاب الحديث على ذلك وهو الصحيح عندنا، فبقي من حضر المجلس متعجبا من هذا القول وكانت العامة يرفعونه على رؤوسهم، وكثر الدعاء له والطعن على من يرميه بالرفض.
فوقع علي الضحك فلم أزل أتصبر وأمنع نفسي وأدس كمي في فمي فخشيت أن افتضح، فوثبت عن المجلس، ونظر إلي فتفطن بي، فلما حصلت في منزلي فإذا بالباب يطرق فخرجت مبادرا فإذا بأبي القاسم بن روح راكبا بغلته قد وافاني من المجلس قبل مضيه إلى داره فقال لي: يا عبد الله أيدك الله لم ضحكت وأردت أن تهتف بي، كأن الذي قلته