إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب - الشيخ علي اليزدي الحائري - ج ١ - الصفحة ٣٠٩
وإذا ذكرت الحسين (عليه السلام) تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تعالى عن قصته وقال * (كهيعص) * فالكاف اسم كربلاء، والهاء هلاك العترة، والياء يزيد وهو ظالم الحسين، والعين عطشه، والصاد صبره، فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيها الناس من الدخول عليه، وأقبل على البكاء والنحيب وكانت ندبته: إلهي أتفجع خير خلقك بولده، أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه، أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة، إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما، ثم كان يقول: إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني عند الكبر، واجعله لي وارثا ووصيا واجعل محله مني محل الحسين، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ثم افجعني به كما تفجع محمد حبيبك بولده، فرزقه الله يحيى وفجعه به، وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين كذلك وله قصة طويلة.
قلت: فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم؟ قال: مصلح أو مفسد؟ قلت: مصلح. قال: فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد بما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟ قلت: بلى. قال: فهي العلة أوردتها لك ببرهان يثق به عقلك، أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله وأنزل الكتب عليهم وأيدهم بالوحي والعصمة، وهم أعلى الأمم وأهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى، هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا هما بالاختيار أن تقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان أنه مؤمن؟ قلت: لا. قال (عليه السلام): فهذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم فوقعت خيرته على المنافقين، قال الله عز وجل * (واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا) * إلى قوله: * (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) * (1) فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح ويظن أنه الأصلح دون الأفسد، علمنا أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور وتكن الضماير ويتصرف عليه السرائر، وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح.
ثم قال مولانا: يا سعد وحين ادعى خصمك أن رسول الله ما أخرج مع نفسه مختار هذه

(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»