وتتجلى أهمية هذا الحوار في المراسلات التي دارت بين الأمير عبد العزيز بن سعود والشيخ كاشف الغطاء، حيث كتب الأمير عبد العزيز رسالة (نقل قسما من مضامينها كاشف الغطاء)، ورد عليها برسالة أشبه ما تكون بالمناقشة الشاملة لما ورد من الشبهات التي أثيرت حول الفكر الأمامي، ومما لم يرد منها أيضا.
قد تميز منهج كاشف الغطاء في رسالته بسمات، أهمها:
1 - امتازت الرسالة بالموضوعية والصدق، والواقعية، وغزارة المعرفة، وقوة الاستدلال، حيث نهج مؤلفها منهجا عقلانيا متكاملا رد فيه المنطق بالمنطق، والحجة بالحجة والبرهان، مما جعلها - على رغم أنها نافت على القرنين من الزمن - رسالة فتية ما زالت حجيتها قائمة، طرية الأفكار، متينة المباني، عذبة المحاججة، خالية مما اعتاد عليه المؤلفون في مثل هذه الميادين من الخروج عن ذريعة العلم إلى ذرائع أخرى لا تتصل إلى نهج المعرفة بصلة.
2 - يبدو أن كاشف الغطاء كان يدرك ان الفتوحات الجديدة تهدد أمن المنطقة بكل عام، وستصل إلى العراق لضعف السلطة الحاكمة فيه، وانشغالها بالمشاكل الداخلية وغيرها. لذلك كان حديثه في الرد حديثا حاول من خلاله إقناع عبد العزيز بن سعود - بما استطاع من إمكانات - بالرجوع عن معتقداته الدينية، والتخلي عن نظريته المذهبية الت اعتنقها وتبناها - على فرض الامكان -، أو احترام وجهات النظر المتغايرة - على فرض آخر -. لذلك كان خطابه إليه خطابا يشعر أنه خطاب صادر من سلطة دينية عليا إلى سلطة قتالية عليا.
وبالرغم من احترامه المتزايد للأمير الفاتح إلا أن (رسالته) لم تخل من واقعية في التعامل مع هذا الأمير، فقد حدثه فيها باللغة المباشرة التي يفهمها هذا الأمير العربي. وكان يعزو تبنيه للمذهب الوهابي إلى عدم خبرته في اختيار المذهب الذي عليه أن يتبناه ويناضل من أجله، بسبب ضآلة معرفته الفكرية.
3 - تناولت الرسالة ردا للشبهات التي نشرها الوهابيون، وقد رتبها على مقدمة وفصول، مقاصد، وكان لا يمل من تكرار كلمة (أخي)، و (أقسم عليك) - نهاية كل موضوع - بعد بيان النتيجة التي يتوصل إليها بعد إيراده جملة من الأحاديث النبوية لعل ذلك يكون سببا لمراجعة المعتقد من جديد.
4 - استخدم في طيات رسالته أسلوب الموعظة، وإلفات النظر إلى أن النفوذ الدنيوي