هذه الرسالة حصيلة مراسلة بين شخصيتين كبيرتين تمثلتا بالشيخ جعفر كاشف الغطاء - زعيم الطائفة الإمامية في عصره -، المتوفى سنة 1228 ه / 1813 م، وبين الأمير عبد العزيز بن سعود - أحد قادة الحركة الوهابية في عهدها الأول -، المتوفى سنة 1218 ه / 1803 م.
والسبب الذي دعا إلى تأليفها هو أن الأمير عبد العزيز كتب رسالة إلى الشيخ كاشف الغطاء انتقد فيها الممارسات التي يطبقها زوار المراقد الدينية المقدسة، - وهي حسب العقيدة الوهابية تقارب الشرك في مقام التوحيد -، المبتنية على مفردات نظرية مثل الشفاعة، والتوسل، والاستغاثة.
ولمعرفة ما تنطوي عليه هذه الأوراق من مناقشة وجدل يتحتم فهم الظروف التي كانت سائدة في منطقة الجزيرة، والتي بدأت تؤثر في المناطق المحيطة تأثيرا بالغا وفعالا.
فقد كانت منطقة الجزيرة العربية سياسيا واقعة تحت نفوذ السيادة العثمانية (عدا مسقط)، كما كان حال الدول الأخرى مثل العراق، وبلاد الشام، ومصر. ولم تكن سيطرة الدولة العثمانية على هذه البلدان سيطرة فعلية حيث تكتفي من الولاة بتقديم المبالغ المناسبة دليلا لخضوع الوالي لها.
وفي القرنين (الثاني عشر والثالث عشر الهجريين / الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين) بدأ النفوذ البريطاني يدخل منطقة الشرق لتأمين سلامة المواصلات التجارية بين الهند وإنكلترا، ووصول بضائع شركة الهند الشرقية الانكليزية إلى موانئ الخليج.
وكانت إيران تحت سلطة الأفشاريين بعد سقوط الدولة الصفوية سنة 1135 ه / 1722 م.
وفي أوائل القرن الثالث عشر الهجري / التاسع عشر الميلادي أصبح نفوذ البريطانيين شبه منفرد في المنطقة لانشغال الدولتين الكبيرتين القاجارية والعثمانية بأوضاعهما الداخلية المضطربة، والنزاعات المتكررة بينهما.
ففي هذا الوسط ظهرت الدعوة الوهابية، وامتدت بتحالف تم عام 1157 ه / 1744 م بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والأمير محمد بن سعود على أن يكون صاحب