فقال: يا فاطمة، قالت: لبيك يا رسول الله فقال (صلى الله عليه وآله): هذه فدك هي مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين فقد جعلتها لك لما أمرني الله تعالى به فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسة.
والآية السادسة قول الله عز وجل: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * (1) وهذه خصوصية للنبي (صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة، وخصوصية للآل دون غيرهم، وذاك أن الله تعالى حكى في ذكر نوح (عليه السلام) في كتابه * (يا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قوما تجهلون) * (2) وحكى عز وجل عن هود (عليه السلام) أنه قال: * (يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون) * (3) وقال عز وجل لنبيه محمد (صلى الله عليه وآله): قل يا محمد * (لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * (4) ولم يفرض الله تعالى مودتهم إلا وقد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا ولا يرجعون إلى ضلال أبدا وأخرى أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم له قلب الرجل فأحب الله أن لا يكون في قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المؤمنين شئ ففرض الله عليهم مودة ذوي القربى فمن أخذ بها وأحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأحب أهل بيته لم يستطع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبغضه ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته (عليهم السلام) فعلى رسول الله أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض الله تعالى فأي فضيلة وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه فأنزل الله تعالى هذه الآية على نبيه * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس قد فرض الله لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد فقال: أيها الناس إنه ليس بذهب ولا فضة ولا مأكول ولا مشروب.
فقالوا: هات إذا، فتلا عليهم هذه الآية فقالوا: أما هذه فنعم. فما وفى بها أكثرهم، وما بعث الله عز وجل نبيا إلا أوحى إليه أن لا يسأل قومه أجرا لأن الله تعالى يوفي أجر الأنبياء (عليهم السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله) فرض الله عز وجل مودة قرابته على أمته وأمره أن يجعل أجره فيهم ليودوه في قرابته بمعرفة فضلهم الذي أوجبه الله تعالى لهم فإن المودة إنما تكون على قدر معرفة الفضل، فلما أوجب الله تعالى ذلك ثقل لثقل وجوب الطاعة فتمسك بها قوم قد أخذ الله تعالى ميثاقهم على الوفاء وعاند أهل الشقاق والنفاق ألحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حده الله تعالى فقالوا: القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته فعلى أي الحالتين كان فقد علمنا أن المودة هي القرابة فأقربهم من