فقالت العلماء: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤثر عنه أنه قال: " أمتي آلي " وهؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه: آل محمد أمته فقال أبو الحسن (عليه السلام): " أخبروني هل تحرم الصدقة على الآل؟ قالوا: نعم، قال: فتحرم على الأمة؟ قالوا: لا، فقال: هذا فرق بين الآل والأمة ويحكم أين يذهب بكم أضربتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون؟! أما علمتم أنه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟!
قالوا: ومن أين يا أبا الحسن؟
فقال (عليه السلام): من قول الله تعالى: * (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) * (1) فصارت النبوة والكتاب للمهتدين دون الفاسقين، أما علمتم أن نوحا (عليه السلام) سأل ربه تعالى ذكره * (فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين) * (2) وذلك أن الله وعده أن ينجيه وأهله فقال له ربه عز وجل * (يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين) * (3) ".
فقال المأمون: هل فضل الله العترة على سائر الناس؟ فقال أبو الحسن: " إن الله تعالى أبان فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه، فقال له المأمون: أين ذلك من كتاب الله تعالى؟ فقال له الرضا (عليه السلام): في قوله تعالى: * (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض) * (4) وقال عز وجل في موضع آخر: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) * (5) ثم رد المخاطبة على أثر هذا إلى سائر المؤمنين فقال: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) * (6) يعني الذين قرنهم الكتاب والحكمة وحسدوا عليها فقوله تعالى: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) * يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين فالملك هاهنا هو الطاعة لهم. قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا (عليه السلام): " فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا وموطئا فأول ذلك قوله تعالى: * (وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك المخلصين) * هكذا في قراءة أبي بن كعب وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود وهذه منزلة رفيعة وفضل عظيم وشرف عال حين عنى