إحقاق الحق (الأصل) - الشهيد نور الله التستري - الصفحة ٢٤٦
الزبير قال شجاع جاف قلت أين لك من سعد قال قايد عسكر ولا يصلح للخلافة قلت أين لك من عبد الرحمن فقال ضعيف قال قلت أين لك من علي بن أبي طالب (ع) قال فيه دعابة وإذن يحملهم على الحق الذي لا يطيقونه ثم ما مر عليه أسبوع حتى ضربه أبو لؤلؤة هكذا سمعت منه ثم بعد هذا رأيت في الأحكام السلطانية لقاضي القضاة الماوردي ذكر على نحو ما سمعته من الشيخ برهان الدين البغدادي ثم إنا لو فرضنا صحة ما ذكر فإنه لم يذكر المعايب القادحة للإمامة بل هذا من مناصحة الناس فذكر ما كان من العيوب ولو صدق لا اعتراض على عمر فإنه على ما ذكره أشار إلى خلافة علي (ع) إشارة جلية لا يخفى بل هو قريب من التنصيص ورغبة في خلافته من هذا الكلام ظاهر فلا اعتراض عليه وأما ما ذكره من ترتيب الستة ثم الأربعة ثم اثنان فهذا من اجتهاداته في اختيار الإمام والأمر إليه را اعتراض عليه وأما ما ذكر من القتل بعد الثلاثة إن لم يتقرروا الأمر فهذا من باب التوعيد والتهديد وشدة الاهتمام بعدم التأخير لأن التأخير كان مظنة لقيام الفتن وعروض الحوادث وأما جواب قاضي القضاة بأن الأمر بالقتل إذا طلبوا الأمر من غير وجهه وعلى طريق شق العصا فجواب صحيح وما اعترض عليه بقوله إذا شقوا العصا فطلبوا الأمر من غير وجهه من أول يوم وجب قتالهم فباطل لأن شق العصا يظهر بعد الثلاثة فإن الثلاثة كانت من عند الإمام السابق فمن خالف وطلب الأمر من غير وجهه في الأيام الثلاثة لم يحكم عليه بشئ لأن وقت المشورة باق ولعله يرجع وأما بعد الثلاثة فقد طال الأمر وتحتم طلب الأمر للمخالف من غير وجهه انتهى وأقول فيه نظر من وجوه أما أولا فلأن من جملة الرواية التي ذكرها الناصب في حكاية الشورى وصححه قول عمر أنا لا أحمل هذا الأمر حيا وميتا وهذا كان مذكورا فيما رواه المصنف أيضا في وجه امتناع عمر عن تعيينه لعلي (ع) بالخلافة واعترض عليه هناك بقوله وأي تقليد أعظم من الحصر في الستة ثم تعيين من اختار عبد الرحمن إلى آخره والناصب لم يتعرض لدفعه في هذا المقام أصلا فكان واردا عليه وأما ثانيا فلأن ما ذكره من أن صاحب هذه الرواية جاهل بالأخبار كذاب إلى آخره تجاهل عن شهرة الخبر لعجزه عن إصلاحه نعم ما قال إن المصنف لا يعلم الوضع مسلم فإن وضع الحديث أمر لا يعلمه إلا الناصب وأصحابه المبيحين لوضع الحديث في نصرة سلفهم المتسمين بأهل السنة وبالجملة أن قاضي القضاة الذي يتعصب لعمر بكل تكلف وتعسف أعلم بالأخبار من هذا الناصب الجاهل ولو كان يجد سبيلا إلى تكذيب ما رواه المصنف لكان هو أولى بأن يشير اليه وقد ذكر ابن قتيبة في كتاب السياسة ما يقرب من هذه الرواية وفيها عد عيوب الجماعة مشافهة وأما ثالثا فلأن ما سماه الناصب ببرهان الدين البغدادي وزعمه أستاد الشيعة ونسب إليه روايته المخترعة فليس عنه عند الشيعة خبر ولا عين ولا أثر وأنى كان للشيعة في زمان الناصب الذي كان زمان شدة التقية خصوصا في تبريز الذي كان تحت سلطنة اليزيدية البايندرية من تراكمة ديار بكر أن يظهروا التشيع ويباحثون أهل السنة في المسائل بل الخلافية وأقوى ما يدل على شدة نصل هذا الشقي وبغضه لأمير المؤمنين (ع) أنه إنما أتى بالرواية المخترعة له ولم يرض بالرواية التي ذكرها المصنف قدس سره لأن ما رواه المصنف كان خاليا عن ذكر عيب لعلي (ع) فحمله تحامله وانحرافه عن علي (ع) أن يخترع رواية يكون فيها تخفيف في إظهار عيوب الخمسة واشتراك علي (ع) معهم في أصل العيب حيث نسبه فيها إلى الدعابة وإلى تكليفه الناس بما لا يطاق قاتله الله ما أشد نصبه وما أقل حياؤه ومن دلايل شدة نصبه خفضه الله إنه كذب في الرواية ولم يكتف بذلك إلى أن نسبها إلى ابن عباس وكيف يتصور عن ابن عباس ابن عم علي (ع) وتلميذه العارف بحقه أن يذكر في معرض استحقاق الخلافة عثمان وطلحة وزبير وغيرهم قبل علي (ع) ثم لم يقنعا لناصب بذلك حتى ضمن تلك الرواية ذكر كرامة لعمر بإخباره عن دنو موته وأما رابعا فلأنا لو سلمنا الرواية المذكورة نقول إذا علم عمر قبل موته بسبع أيام ما يؤل إليه خلافة عثمان من القتل والفساد بحيث أقسم بالله تعالى استظهارا وقال والله لو فعلت لفعل إلى آخره كيف صح منه جعل الأمر شورى بينه وبين غيره مع ظهور احتمال وقوع قرعة الإمامة من بينهم عليه وكيف جاز له أن يرضى بوصول الخلافة إلى طلحة مع وصفه إياه بالزهو والتكبر على وجه استعاذ منه بقوله نعوذ بالله من زهوه وقد علم بما قررناه أن ما أتى به الناصب بعيد ذلك من حمل إظهار عيوب الجماعة على إرادة المناصحة تمحل وتعسف وأن ما يذكره من أن في الرواية إشارة إلى رغبة عمر في خلافة علي (ع) تعمل وتكلف فالاعتراض في كلا المقامين وارد وأما خامسا فلأن ما ذكره من أن ترتيب الستة ثم الأربعة من الاجتهادات عمر في اختيار الإمام والأمر إليه فلا اعتراض عليه معترض بأن الكلام ليس في مجرد ترتيب الستة والأربعة بل في أمرين أحدهما الحيلة التي قصدها عمر في ذلك لأجل حرمان علي (ع) عن الخلافة على كل تقدير من تلك التقادير وثانيهما أن ذلك الترتيب المتضمن لتعجيل تعيين الخليفة على الوجه الخاص مكذب لما ذكره عمر سابقا من كراهة تحمل الخلافة حيا وميتا أيضا وكيف لم يحمله ميتا أيضا وقد صار جعله لها شورى سبب كل شر بعد يوم السقيفة من خروج من خرج على علي (ع) من الناكثين والقاسطين والمارقين بل المسلمون إلى الآن ما خلصوا من شرها ثم لا يخفى أنه لم يظهر في هذا المقام التعرض لجواب الأمرين لا عن هذا الناصب ولا عن قاضي القضاة وأما سادسا فلأن ما ذكره من أن حكم عمر بالقتل بعد الثلاثة كان من باب التوعيد والتهديد مدفوع بأنه لو جاز تأويل الحكم الجزم بضرب العنق وتفسير لفظ القتل الواقع في افناء ذلك الكلام بالتهديد والتوعيد لارتفع الأمان عن الدلالات وانفتح باب الضلالات ولجاز مثل هذا التأويل في كلام الله المبين وأحاديث سيد المرسلين فيخرج القرآن والحديث عن أن يكونا دليلا للمحقين وحجة على المبطلين وكذا الكلام في تأويل قاضي القضاة ولقد أحسن الفاضل النحرير رشيد الدين الوطواط الخوارزمي الحنفي في بعض رسايله الذي تكلم فيه على كلام بعض الفضلاء فإنه لما أجاب بعضهم عن بعض كلماتع بتمجلات و تكلفات لا يتحملها العبارة قال في دفعه أقول إن الله تعالى هو يعلم الضماير ويعرف السراير أما عباده فلا وليس لي في هذا الموقف الذي وقفت فيه إلا أن أتكلم على صريح كلامه وأبين ما فيه من اضطراب نظامه وقد تكلمت وبينت انتهى وأما سابعا فلأن ما ذكره في توجيه تعيين الأيام الثلاثة إعادة لحاصل كلام قاضي القضاة بل هو حقيقة في مرتبة أصل كلام عمر إذ يتوجه عليه أنه من أين علم أن في أثناء الأيام الثلاثة وقت المشورة بان وبعدها
(٢٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 ... » »»