أعلام الدين في صفات المؤمنين - الديلمي - الصفحة ٦٨
عليه بآياته ودلالاته، فالعقول تثبته، وقلوب المؤمنين مطمئنة به غير شاكة فيه ولا منكرة له.
وإني لأعجب ممن يستدل بصفات المخلوق على صفة الخالق، وكيف يصح الاستدلال بصفات من له مثل، على صفات من لا مثل له ولا نظير!؟
والله تعالى يصدق هذا القول بقوله تعالى: ﴿ليس كمثله شئ﴾ (١).
واعلم أن حقيقة المعرفة عقد الضمير في القلب، بإخراج ذات الله عن كل موهوم ومهجوس ومحسوس، وطرق الحق واضحة، وعلاماته لائحة، وعيون القلوب مفتوحة، ولكن أعماها غشاوة الهوى، وضعف البصائر، وجماد القرائح، وترك الطلب، ولو استشعروا الخوف قوموا به العوج، وسلكوا الطريق الأبلج.
ودواء القلوب وجلاؤها في خمسة أشياء: قراءة القرآن المجيد بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع في السحر، ومجالسة الصالحين. وأعظم مقامات العارفين: القيام بالأوامر، والثقة بالمضمون، ومراعاة الأسرار بالسلامة، والتخلي من الدنيا، فإذا حصلت هذه الصفات، ضاقت على صاحبها الأرض بما رحبت، كما قال الله: ﴿ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم﴾ (2) ومن ألزم نفسه آداب الكتاب، وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله، وسنن الأئمة من أهل بيته عليهم السلام، نور الله قلبه بنور الإيمان، ومكن له بالبرهان، وجعل على وجهه وأفعاله شاهد الحق. ولا مقام أشرف من متابعة الله الحبيب وأحبائه من أنبيائه، وأئمته من أوليائه، في أوامرهم ونواهيهم، ومن ادعى المحبة لهم وهو على خلاف ذلك، فإنما يستهزئ بنفسه ويغمزها.

١ - الشورى ٤٢: ١١.
٢ - التوبة ٩: 118.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»