واعلموا أنه شافع مشفع، وشاهد مصدق، وأنه من شفع له القرآن يوم القيامة شفع فيه، ومن محل (١) به القرآن يوم القيامة صدق عليه، وأنه ينادي مناد يوم القيامة:
ألا إن كل حارث مبتلى في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن، فكونوا من حراثه وأتباعه، واستدلوه على ربكم، واستنصحوه على أنفسكم، واتهموا عليه آراء كم، واستغشوا فيه أهواءكم، العمل (العمل ثم النهاية النهاية، والاستقامة الاستقامة، ثم الصبر الصبر، والورع الورع) (٢).
إن لكم نهاية فانتهوا إليها، وإن لكم علما فاهتدوا بعلمكم، وإن للإسلام غاية فانتهوا إلى غايته، واخرجوا إلى الله مما افترض عليكم من حقه، وبين لكم من وظائفه، أنا شاهد لكم وحجيج يوم القيامة عنكم، ألا وإن القدر السابق قد وقع، والقضاء الماضي قد تورد، وإني متكلم بعدة الله وحجته، قال الله تعالى: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون﴾ (3) وقد قلتم: ربنا الله، فاستقيموا على كتابه، وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته، ولا تمرقوا منها، ولا تبدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها، فأن أهل المروق منقطع بهم عند الله يوم القيامة.
ثم إياكم وتهزيع (4) الأخلاق وتصريفها، واجعلوا اللسان واحدا، وليخزن الرجل لسانه، فإن هذا اللسان جموح المصاحبة، والله ما أرى أحدا يتقي تقوى تنفعه حتى يختزن لسانه، فأن لسان المؤمن من وراء قلبه، وإن قلب المنافق من وراء لسانه، لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه، فإن كان خيرا أبداه، وإن كان شرا واراه، وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه، لا يدري ما ذا عليه مما له، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، فمن استطاع منكم أن يلقى الله - سبحانه - وهو نقي الراحة من دم المسلمين وأموالهم، سليم اللسان من أعراضهم، فليفعل.
واعلموا - عباد الله - أن المؤمن يستحل العام ما استحل عاما أول، ويحرم