كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (قسم الإلهيات) (تحقيق السبحاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٢١٨
أنه عليه السلام أعلم من غيره فيكون أفضل.
أما المقدمة الأولى فيدل عليها وجوه:
الأول: أنه عليه السلام كان شديد الذكاء في غاية قوة الحدس، ونشأ في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ملازما له مستفيدا منه والرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان أكمل الناس وأفضلهم، ومع حصول القبول التام والمؤثر الكامل يكون الفعل أقوى وأتم وبالخصوص وقد مارس المعارف الإلهية من صغره، وقد قيل: إن العلم في الصغر كالنقش في الحجر، وهذا برهان لمي.
الثاني: أن الصحابة كانت تشتبه الأحكام عليهم وربما أفتى بعضهم بالغلط، وكانوا يراجعونه في ذلك، ولم ينقل أنه عليه السلام راجع أحدا منهم في شئ البتة، وذلك يدل على أنه أفضل من الجماعة:
فإنه نقل عن أبي بكر أن بعض اليهود لقيه فقال له: أين الله تعالى؟ فقال:
على العرش، فقال اليهودي: خلت الأرض منه حيث اختص ببعض الأمكنة!
فانصرف اليهودي مستهزئا بالإسلام، فلقيه علي عليه السلام فقال له: " إن الله أين الأين فلا أين له " إلى آخر الحديث، فأسلم على يده، وسئل عن الكلالة والأب فلم يعرف ما يقول حتى أوضح علي عليه السلام الجواب.
وسئل عمر عن أحكام كثيرة فحكم فيها بضد الصواب، فراجعه فيها علي عليه السلام فرجع إلى قوله، كما نقل عنه من إسقاط حد الشرب عن قدامة لما تلي عليه قوله تعالى: * (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) * (1) فقال علي عليه السلام: " الذين آمنوا وعملوا الصالحات لا يستحلون محرما "، وأمره برده واستتابته فإن تاب فاجلده وإلا فاقتله، فتاب ولم يدر عمر كم يحده، فأمره عليه السلام بحده ثمانين.

(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»