كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٧٨
فغير ممكن لأن المختار هو الذي يفعل بواسطة القصد والاختيار والقصد إنما يتوجه في التحصيل إلى شئ معدوم لأن القصد إلى تحصيل الحاصل محال وكل معدوم يجدد فهو حادث.
المسألة الخامسة والأربعون: في نفي قديم ثان قال: ولا قديم سوى الله تعالى لما يأتي (1):
أقول: قد خالف في هذا جماعة كثيرة أما الفلاسفة فظاهر لقولهم بقدم العالم وأما المتكلمون فالأشاعرة أثبتوا ذاته تعالى وصفاته في الأزل كالقدرة والعلم والحياة والوجود والبقاء وغير ذلك من الصفات على ما يأتي وأبو هاشم أثبت أحوالا خمسا فإنه علل القادرية والعالمية والحيية والموجودية بحالة خامسة هي الإلهية وأما الحرنانيون فقد أثبتوا خمسة من القدماء اثنان حيان فاعلان هما الباري تعالى والنفس وواحد منفعل غير حي هو الهيولي واثنان لا حيان ولا فاعلان ولا منفعلان هما الدهر والخلاء أما قدمه تعالى فظاهر وأما النفس والهيولي فلاستحالة تركبهما عن المادة وكل حادث مرك وأما الزمان فلاستحالة التسلسل اللازم على تقدير عدمه وأما الخلاء فرفعه غير معقول واختار ابن زكريا الرازي الطبيب هذا المذهب وصنف كتابا موسوما بالقول في القدماء الخمسة وكل هذه المذاهب باطلة لأن كل ما سوى الله تعالى ممكن وكل ممكن حادث وسيأتي تقريرها.
المسألة السادسة والأربعون: في عدم وجوب المادة والمدة للحادث قال: ولا يفتقر الحادث إلى المدة والمادة وإلا لزم التسلسل.
أقول: ذهبت الفلاسفة إلى أن كل حادث مسبوق بمادة ومدة لأن كل حادث ممكن فإمكانه سابق عليه وهو عرض لا بد له من محل وليس المعدوم

(1) من أدلة التوحيد.
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»