كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد (تحقيق الزنجاني) - العلامة الحلي - الصفحة ٤٤٧
مستحقر بالنسبة إليه حتى لا يكون معتدا به ويكون وجوده بالنسبة إلى العظيم كعدمه حتى تاب فاعل القبيح من العظيم فإنه يقبل توبته مثال ذلك أن الإنسان إذا قتل ولد غيره وكسر له قلما ثم تاب وأظهر الندم على قتل الولد دون كسر القلم فإنه يقبل توبته ولا يعيبه العقلاء بكسر القلم وإن كان لا بد من أن يندم على جميع إسائته وكما أن كسر القلم حال قتل الولد لا يعد إسائة فكذا العزم.
قال: والتحقيق إن ترجيح الداعي إلى الندم عن البعض يبعث عليه خاصة وإن اشترك الداعي في الندم على القبيح لقبحه كما في الدواعي إلى الفعل ولو اشترك الترجيح اشترك وقوع الندم فلا يصح الندم وبه يتأول كلام أمير المؤمنين وأولاده عليهم السلام وهو أن التوبة لا تصح عن بعض دون بعض وإلا لزم الحكم ببقاء الكفر على التائب منه المقيم على صغيرة.
أقول: لما فرغ عن تقرير كلام أبي هاشم ذكر التحقيق في هذا وتقريره أن نقول الحق إنه تجوز التوبة عن قبيح دون قبيح لأن الأفعال تقع بحسب الدواعي وتنتفي بحسب الصوارف فإذا ترجح الداعي وقع الفعل (إذا عرفت هذا) فنقول يجوز أن يرجع فاعل القبائح دواعيه إلى الندم عن بعض القبائح دون بعض وإن كانت القبائح مشتركة في الداعي الذي يدعو إلى الندم عليها وذلك بأن يقترن ببعض القبائح قرائن زائدة كعظم الذنب أو كثرة الزواجر عنه أو الشناع عند العقلاء عند فعله ولا يقترن هذه القرائن ببعض القبائح فلا يندم عليها وهذا كما في دواعي الفعل فإن الأفعال الكثيرة قد تشترك في الدواعي ثم يؤثر صاحب الدواعي بعض تلك الأفعال على بعض بأن يترجح دواعيه إلى ذلك الفعل بما يقترن به من زيادة الدواعي فلا استعباد في كون قبح الفعل داعيا إلى الندم ثم يقترن ببعض القبائح زيادة الدواعي إلى الندم عليه فيترجح لأجلها الداعي إلى الندم على ذلك البعض ولو اشتركت القبائح في قوة الدواعي اشتركت في وقوع الندم ولم يصح الندم على البعض دون الآخر وعلى هذا ينبغي أن يحمل كلام أمير المؤمنين
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»