سبق إسلامه، وثبت بالأدلة السابقة أن إسلام علي (عليه السلام) كان مقارنا للبعثة، فلم يلزم مما ذكروه سبق إسلام أبي بكر على إسلامه.
قوله: إن عليا (عليه السلام) حين أسلم لم يكن بالغا.
قلنا: لا نسلم أنه أسلم قبل البلوغ، وبيانه: أن سن علي (عليه السلام) كان بين خمس وستين سنة وبين ست وستين سنة، والنبي (صلى الله عليه وآله) قد بلغ بعد الوحي ثلاثة وعشرين سنة، وعلي (عليه السلام) قد بقي بعد النبي (صلى الله عليه وآله) قريبا من ثلاثين سنة، فإذا أسقطنا ثلاثا وخمسين من ست وستين بقي ثلاثة عشر سنة (1) وبلوغ الانسان في مثل هذا (2) السن ممكن، فعلمنا أنه كان ممكن البلوغ في ذلك الوقت، وإذا ثبت الإمكان وجب الحكم بوقوعه لقوله (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام): " زوجتك أقدمهم سلما، وأكثرهم علما " (3) ولو كان صبيا حين أسلم لما صح هذا الكلام.
سلمنا أنه ما كان بالغا حين أسلم لكن لا امتناع في وجود إسلام (4) صبي كامل العقل قبل البلوغ، وكذلك حكم أبو حنيفة بصحة إسلام الصبي، وحينئذ يكون إسلام صبي قبل البلوغ دليلا على فضله لوجهين:
أحدهما: أن الغالب على طباع الصبيان الميل إلى الأبوين، ثم إن عليا (عليه السلام) خالف أبويه وأسلم فدل ذلك على فضله.
الثاني: أن الغالب على الصبيان الميل إلى اللعب فيكون نظره وفكره في دلائل التوحيد. وإعراضه عن اللعب من أدل الأمور على فضله، وكان في زمان