الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣٢٤
ب " الإنصاف والإصاف " خلاف ما ظننته لأنه إنما أوجب كون النبي صلى الله عليه وآله ملبسا محيرا متى لم يقصد النص بخبر الغدير من حيث بين رحمه الله اقتضاء ظاهر الكلام للنص، وأنه متى حمل على خلافه كان القول خارجا عن مذهب أهل اللغة، وقد فرق في الكتاب أيضا بين متشابه القرآن وبين ما أنكره بأن قال: " إن العقل دال على أنه تعالى لم يقصد بذلك التشبيه وما جرى مجراه مما لا يجوز عليه، والمخاطبون في تلك الحال بالمتشابه قد فهموا معناه، وليس مثل هذا في النص لأن العقل لا يخيل أن يكون قصد بخبر الغدير إلى النص " وأسقط رحمه الله قول من سأل فقال: جوزوا أن يكون السامعون لخبر الغدير من النبي صلى الله عليه وآله قد فهموا مراده وأنه لم يرد به النص بأن قال: " إذا كانت معرفة المراد من الكلام لازمة لنا كلزومها لهم لم يجز أن يخصوا بدلالة أو ما يجري مجرى الدلالة مما يوصل إلى معرفة المراد دوننا، ولوجب أن يقطع عذر الجميع في معرفة مراده لعموم التكليف لهم ".
فأما ما توهمه على أبي جعفر من ادعاء الضرورة في معرفة النص من خبر الغدير، وأنه ناقض من بعد بقوله: (إن الأمر اشتبه على الناس حتى ظنوا أن العمل بقوله عليه السلام: " الأئمة من قريش " أولى) فغلط منه عليه لأن الرجل لم يدع الضرورة في شئ من كلامه، ومن استقرأ كلامه (1) في هذا الباب وغيره عرف صحة ما ذكرناه، بل قد صرح بما يدل على خلاف الضرورة لأنه استدل على إيجاب النص من الخبر باللغة وما تقتضيه المقدمة والعطف عليها، ولو كان قائلا بالضرورة في معرفة المراد لم يحتج إلى شئ مما ذكره على أنه قد قال أيضا عند تقسيم النص إلى قسمين " فأما النص

(1) استقرأ الكلام: تتبعه، وأصله من استقراء الناقة بعد الضراب لينظر ألقحت أم لا؟.
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 » »»