الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣٢١
أنفسهم) وإنما ينسب إلى (الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة) ما قدمناه من الاتفاق بينهم وطاعة كل واحد منهم لصاحبه ومظافرته إياه على أمر الله، وملكه من أخيه ما يملكه من نفسه فيه " هذا كلامه بألفاظه وهو يشهد بما يذهب إليه من إجراء لفظة " ولي " على من تجب طاعته والانتهاء إلى أمره على خلاف ما يريده صاحب الكتاب، ويذهب إليه، وإذا كان معناها وأصل اشتقاقها إذا أريد بها الموالاة يقتضيان المتابعة على ما ذكر لم يناف ذلك قولنا ولا قدح فيه، لأنا قد ذكرنا فيما تقدم أن لفظة " مولى وولي " تجريان على الموالاة في الدين، ودللنا على أن المراد بهما في الآية وخبر الغدير ما ذهبنا إليه دون غيره، وفي كلام أبي مسلم ما يخالف رأي صاحب الكتاب من وجه آخر لأنه جعل قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) موافقا لمعنى الآية التي ذكرناها في اقتضاء وجوب الطاعة والاتباع، ومعلوم أن التقرير في مقدمة خبر الغدير وقع بما أوجبه الله تعالى في الآية لرسوله صلى الله عليه وآله وأن المعنيين متطابقان، وصاحب الكتاب ينكر فيما حكيناه من كلامه ونقضناه أن يكون التقرير وقع بفرض الطاعة في خبر الغدير، وقد بينا أنه خلاف للأمة، وقد كان يجب عليه إذا احتج بكلام أبي مسلم في الموضع الذي حكاه وجعله قدوة فيما يرجع إلى اللغة والاشتقاق أن يلتزم جميع ما ذكره هناك، ولا يقتصر احتجاجه على ما وافق هواه دون ما خالفه، وليس له أن يقول: إن الخطأ يجوز على أبي مسلم في بعض كلامه دون بعض، لأن ذلك إنما يجوز فيما طريقه الاستدلال، فأما فيما طريقه اللغة التي لا مجال للاستدلال والقياس فيها، وإنما يؤخذ سماعا فإنه لا يجوز لا سيما وقد جعل قوله في معنى اللفظة واشتقاقها حجة، ومن كان بهذه المنزلة فيما يرجع إلى اللغة يجب أن يرجع إلى جميع قوله في معنى هذه اللفظة وتأويلها.
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 » »»