الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣٢٢
فأما الخطأ الذي اتبع صاحب الكتاب كلام أبي مسلم فهو اعتقاده أن الموالاة إذا كانت بمعنى المتابعة استحال حصولها من جهة واحدة، ووجب أن لا يدخل إلا بين اثنين، وهذا خطأ فاحش لأن لفظة المفاعلة ليس يجب في كل موضع دخوله بين الاثنين، وإن كان قد يدخل بينهما في أكثر المواضع فمن لفظة المفاعلة المستعملة في الواحد دون الاثنين قولهم ناولت وعاقبت وظاهرت وعافاه الله، وما يجري مجرى ما ذكرناه مما يتسع ذكره، وقولهم: تابعت وواليت لا حق بما عددناه مما يكون عبارة عن الواحد وإن كان لفظه لفظ المفاعلة.
فأما ما ذكره في آخر كلامه من أن ما تفيده الإمامة ويختص به الإمام لا يعلم إلا بالشرع، وتوصله بذلك إلى أن لفظة " مولى " لا تفيد الإمامة فغير صحيح، لأن الإمامة تجري في اللغة على معنى الاتباع والاقتداء، وهي في الشرع أيضا تفيد هذا المعنى وإن كانت الشريعة وردت بأحكام يتولاها الإمام على التفصيل لا يفيدها اللفظة اللغوية المفيدة للاتباع والاقتداء على سبيل الجملة.
وقد بينا أن الخبر إذا اقتضى وجوب الطاعة والاتباع فقد دل على الإمامة بجميع أحكامها الشرعية، لأن الطاعة على جميع الخلق في سائر الأمور لا تجب بعد النبي إلا للإمام فقد بطل قوله: (إن الإمامة لا تدخل في القسمة).
فأما تأويل شيوخه للخبر فقد تقدم كلامنا عليه.
قال صاحب الكتاب: " فأما ما أورده من زعم (1) أنه لو لم يرد صلى الله عليه وآله به الإمامة لكان قد تركهم في حيرة وعمى عليهم فإنه يقال له: ما الذي يمنع أن يثبت في كلامه صلى الله عليه وآله ما لا يدل ظاهره

(1) يعني أبا جعفر بن قبة كما سيأتي ذلك في كلام المرتضى.
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 » »»