الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ٢ - الصفحة ٣٠٩
ويدعون أنه مما خرج على سبيل التأويل من غير رجوع إلى رواية، ومما يمكن أن يعتمد في إبطال خبر الاقتداء أنه لو كان موجبا للنص على الوجه الذي عارض به أبو هاشم لأحتج به أبو بكر لنفسه في السقيفة، ولما جاز أن يعدل إلى روايته " أن الأئمة من قريش " ولا خفاء على أحد في أن الاحتجاج بخبر الاقتداء أقطع للشغب وأخص بالحجة، وأشبه بالحال لا سيما والتقية والخوف عنه زائلان، ووجوه الاحتجاج له معرضة، وجميع ما يدعيه الشيعة بالنص الذي تذهب إليه عن الرجل منتفية، ولوجب أيضا أن يحتج به أبو بكر على طلحة لما نازعه فيما رواه من النص على عمر، وأظهر الإنكار لفعله فكان احتجاجه في تلك الحال بالخبر المقتضي لنص رسول الله صلى الله عليه وآله على عمر ودعائه الناس إلى الاقتداء به، والاتباع له أولى وألزم من قوله: (أقول: يا رب وليت عليهم خير أهلك) وأيضا لو كان هذا الخبر صحيحا لكان حاظرا (1) مخالفة الرجلين وموجبا لموافقتهما في جميع أقوالهما وأفعالهما، وقد رأينا كثيرا من الصحابة قد خالفهما في كثير من أحكامهما وذهبوا إلى غير ما يذهبان إليه، وقد أظهروا ذلك، فيجب أن يكونوا بذلك عصاة مخالفين لنص الرسول صلى الله عليه وآله وقد كان يجب أيضا أن ينبه الرجلان من يخالفهما على مقتضى هذا الخبر، ويذكر أنهم بأن خلافهما محظور ممنوع منه، على أن ذلك لو اقتضى النص بالإمامة على ما ظنوا لوجب أن يكون ما رووه عنه عليه السلام من قوله:
(أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) (2) موجبا لإمامة الكل، وإذا لم

(١) حاظرا: مانعا.
(٢) هذا الحديث مروي من طريق جعفر بن عبد الواحد الهاشمي وإليك ما نقله الذهبي في ميزان الاعتدال ج ١ / 413 في جعفر هذا قال: " جعفر بن عبد الواحد الهاشمي القاضي، قال الدارقطني: يصنع الحديث، وقال أبو زرعة: روى أحاديث لا أصل لها، وقال ابن عدي: يسرق الحديث ويأتي بالمناكير، ثم ساق له ابن عدي أحاديث، وقال كلها بواطيل، وبعضها سرقه من قوم - إلى أن قال - ومن بلاياه عن وهب بن جرير عن أبيه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (أصحابي كالنجوم ومن اقتدى بشئ منها اهتدى ".
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»